وكتب النجاشي ملك الحبشة ، كتابه
المعروف ، وأظهر إسلامه إلى درجة صلّى عليه النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
عندما بلغه موته [١].
هذا غيض من فيض ، وقليل من كثير ، من
تأثير دعوته العالمية ورسالته العامّة.
نعم قد شذ منهم كسرى ـ ومن لف لفه ـ وهو
ذلك الملك الذي ورث السلطة والحكم عن أجداده من آل ساسان ، فأبى أن يكون تابعاً
للعرب ، وخشى من هذا الدين على شخصه وملكه.
ولأجل ذلك لا تعجب إذا ثارت ثائرة كسرى
، فمزّق كتاب الرسول ، وأرسل إلى باذان ، عامله باليمن ، وكتب إليه : « ابعث إلى
هذا الرجل الذي بالحجاز رجلين جلدين فليأتياني به » [٢].
هذه صورة اجمالية من بدء دعوته إلى
ختامها ، أتينا بها بصورة مصغّرة ، ليقف القارئ على أنّ دعوته لم تكن مقصورة على
بلد خاص ، أو شعب خاص بل كانت عالمية غير محدودة ، وأنّ مرماه كان هو القضاء على
جميع النزعات الاقليمية والمحلية والأديان السالفة وتذويبها في اطار رسالته
العالمية الواسعة النطاق ، وأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم
كان يصرّح بذلك في بدء دعوته ، وأثنائها ... ومختتم أمره.
النصوص القرآنية في عالمية رسالته :
هلم معنا نتلو عليك نصوص القرآن الدالّة
على أنّ رسالته ، رسالة عالمية وأنّ دعوته لا تختص بإقليم خاص ، أو اُمّة معيّنة ،
وإنّ مرماه هو إصلاح المجتمع البشري على وجه الاطلاق ، ويمكن الاستدلال على ذلك
بوجوه :
[١] راجع لمعرفة
نصوص ما دار بينهم وبين الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم
إلى كتاب « مكاتيب الرسول ».
[٢] الكامل ، ج ٢ ،
ص ٨١ ، السيرة الحلبية ، ج ٣ ، ص ٢٧٨ ، إلى غير ذلك.