فما مفاد هذه الآيات النافية لعلم الغيب
عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بصراحة إزاء
ما دلّت آيات اُخرى على وجود علم الغيب عند الأنبياء ، بل عند بعض الصالحين أيضاً
وكيف تفسر هذه الآيات ؟
الجواب :
إنّ الوقوف على مفاد هذه الآيات النافية
سهل بعد الوقوف على ما ذكرناه من أنّ علم الغيب الثابت للنبي ، غير الثابت لله سبحانه
، وقد أشبعنا الكلام في هذه المسألة في الجزء الأوّل وقلنا : بأنّ القرآن بينما
يثبت فعلاً لله سبحانه على وجه الحصر في مورد ، يثبته لغيره أيضاً ، فمثلا عندما
يقول : (وَإِيَّاكَ
نَسْتَعِينُ) على وجه الحصر نافياً طلب العون من
غيره سبحانه ، يأمر بالإستعانة بالصبر والصلاة وهما غيره سبحانه حيث يقول : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) ( البقرة ـ ٤٥
).
فعندما يقول : (اللهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا) ( الزمر ـ ٤٢
) ويجعل التوفيّ فعلاً مختص بالله سبحانه ، يثبته لغيره كالملائكة حيث يقول : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ المَلائِكَةُ) ( النحل ـ ٣٢
).
إلى غير ذلك من الموارد الكثيرة التي
بينما ينسب فيه الفعل إليه سبحانه على وجه الحصر ، ينسب إلى غيره أيضاً ، والحل في
الجميع واحد وهو أنّ اللائق بساحته الأقدس