استثناء حقيقياً
متصلاً ولا يستلزم مشاركة الواجب والممكن في هذا الوصف ، كاتصاف سائر الموجودات
بالحياة والقدرة ، والسمع والبصر وغيرهما من الصفات الثبوتية.
فالغيب المختص به سبحانه إنّما هو هذا
النوع من العلم الذي لا يشاركه فيه شيء ، بل يمتنع أن يشاركه فيه أحد لاستلزامه
الشرك وتعدد الواجب.
وعليه يحمل كل ما دلّ على أنّ علم الغيب
مختص به سبحانه ، فالعلم بالغيب الذي هو عين ذاته سبحانه الذي لا يحده شيء ، ولا
يقيده قيد ، مخصوص به تعالى ، لا يشاركه في هذا العلم أحد من خلقه ، بل العلم
بالشهادة على هذا الوجه أيضاً مختص به ، كما قال سبحانه : (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ
الحَكِيمُ الخَبِيرُ) ( الأنعام ـ ٧٣ ) إلى غير ذلك ممّا
يلمح إلى انحصار كلا العلمين فيه سبحانه.
وهذه قرينة واضحة على أنّ المقصود من
الآيات الدالة على اختصاص علم الغيب به سبحانه ، هو ما يليق بساحة الواجب الذي لا
يشاركه فيه أحد ، وإلاّ فالعلم بالشهادة على غير الوجه الذاتي ، وغير المطلق
المرسل عن القيود ، بأن يكون محدوداً ومقيداً وعرضياً ، فغير مختص به ، بل يوجد
عند كل من أعطى له الإدراك والشعور ، وقدرة الاتصال بالخارج ، فما دل على انحصار
كلا العلمين ( العلم بالغيب والشهادة ) فيه سبحانه إنّما يراد منه ما يليق بساحته
عزّ وجلّ.
هل يمكن للانسان الاطلاع على الغيب :
إنّ في وسع المولى سبحانه أن يظهر على
غيبه من شاء من عباده ويطلعه على ما حدث وغبر ، أو يحدث ويتحقق من ملاحم وأحداث
وفتن أو غيرها ، في حين أو أحايين ويوقفه على ما لم يره ولم يشهده ، وليس في ذلك
أي تصادم مع اختصاصه بالله ، فهو يعلم الغيب بالأصالة ، وغيره بتعلّم منه ومن طريق
التبعية.
قال الشيخ الرئيس في اشاراته ما هذا
لفظه : « التجربة والقياس متطابقان على أنّ للنفس الانسانية أن تنال من الغيب
نيلاً ما ، في حالة المنام ، فلا مانع من أن يقع مثل