غفلة عنها وعن مقاصد
أعوانها منقسمين إلى دويلات لا جامع بينها إلاّ لفظ العرب والعربية [١].
إنّ للسعادة والشقاء والحضارة والتقدّم
والتدهور والانحطاط ، قوانين وسنن لا تنفك عنها آثارها ومسبباتها ومن دق باباً ولج
ولج ، من غير فرق بين اُمّة واُمّة أو طائفة دون اُخرى ، انّ نكسة الخامس من
حزيران والاحتلال الصهيوني للأراضي المقدسة الإسلامية ، كان نتيجة عمل طويل واعداد
متواصل من قبل اليهودية العالمية التي تلاقت أهدافها مع مصالح الاستعمار في الشرق
الأوسط من جانب ، ومع الفساد السياسي الاجتماعي الشامل الذي كان المسلمون يعيشون
فيه من جانب آخر ، فالعدوّ تمسّك بأقوى وسائل القهر والغلبة ، وأعد نفسه للتقابل
مع المسلمين في معارك صعبة قرابة قرن ، وتحمّل في طريقه جهوداً وبذل من نفسه وماله
الكثير ، وأمّا المسلمون ففي القرن الذي كان العدوّ يجمع العدة والعدد ، ويتجهّز
بالعلم والصنعة وتربية الخبراء ومهرة الفن ، كانوا يعيشون في فرقة ونفاق ، يضطهد
بعضهم بعضاً ، مضافاً إلى ما يعانون من ميوعة وخيانة وإنحلال في الأخلاق ، والمشي
على المخططات التي رسمها لهم الأعداء المصبوغة بطابع الود والاحسان.
وعلى ذلك فلا غرو في أن يحتل العدو
الغاشم جزءً كبيراً من أرضنا ويترصد لأخذ جزء آخر ، وإذن الظهور والغلبة لهم
والنكسة للعرب جاءت على وفق القوانين والسنن التي تحكم على الحياة.
إذا عرفت ما ذكر ، فالجواب عن السؤال
واضح بعد الإمعان في الآية التالية : (ضُرِبَتْ
عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنَ اللهِ وَحَبْلٍ
مِّنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ
المَسْكَنَةُ) ( آل عمران ـ ١١٢ ).
ترى أنّه سبحانه حكم بضرب الذل والهوان
عليهم ثمّ استثنى عنه بقوله : (إِلاَّ
بِحَبْلٍ مِّنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ) وفي الوقت نفسه
حكم بضرب المسكنة عليهم بلا