الآية نزلت في وقعة « بدر » ، وقد وعد
الله فيها المؤمنين بالنصر على عدوهم ويقطع دابرهم ، والمؤمنون على ما هم عليه من
قلة العدد والعدة ، حتى أنّ الفارس فيهم كان المقداد أو هو والزبير بن العوام ،
والكافرون هم الكثيرون الشديدون في القوة ، وقد وصفتهم الآية بأنّهم ذو شوكة ،
وأنّ المؤمنين اشفقوا من قتالهم ، ولكن الله يريد أن يحق الحق بكلماته ، وقد وفى
للمؤمنين بوعده ، فنصرهم على أعدائهم وقطع دابر الكافرين.
« قال رسول الله سيروا على بركة الله فإنّ
الله عزّ وجلّ قد وعدني (إِحْدَى
الطَّائِفَتَيْنِ )
ولن يخلف الله وعده ، والله لكأنّي أنظر إلى مصرع أبي جهل بن هشام وعتبة ابن ربيعة
وشيبة بن ربيعة وفلان وفلان ، وأمر رسول الله بالرحيل وخرج إلى بدر » [١].
فأخبر سبحانه بقوله : (وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ) عن هزيمة
المشركين وقتل أعوانهم واستئصال شأفتهم ومحق قوّتهم ، فإنّ دابر القوم آخرهم الذي
يأتي في دبرهم ويكون من ورائهم ، ولن يصل إليه الهلاك إلاّ بهلاك من قبله من الجيش
، وهكذا كان الظفر ببدر فاتحة الظفر لما بعدها إلى أن قطع الله دابر المشركين بفتح
مكة [٢].
وليس تنبّؤ القرآن بالقضاء على مشركي
قريش في معركة بدر منحصرة بهذه الآية بل تنبّأ بذلك في آية اُخرى وهي قوله سبحانه
: (أَمْ يَقُولُونَ
نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ * سَيُهْزَمُ
[٢] المنار ج ٩ ص
٦٠١ ، والناظر الدقيق المتأمّل في مفاد هذه الآيات السبع يجد فيها تنبّؤات كثيرة
تحقّقت كلّها في غزوة بدر ، فاقرأ سيرة النبي الأكرم ولاحظ مفاد هذه الآيات.