الغدير ، حينما أمره
سبحانه أن ينصب علياً عليهالسلام
إماماً للناس ، وكان النبي على حذر من الناس في تنصيب علي للخلافة ، فأخبره الله سبحانه
بأنّه سيعصمه من أذى الناس وشرّهم ، ولا يصلون إليه بقتل ولا يتمكنون من اغتيال
شخصه الشريف وتحققت نبوءة القرآن وصدّق الخبر الخبر.
ولو فرضنا صحاح القوم ولم نعتقد بما
أثبته المتواتر من الروايات ، وقلنا إنّ المراد من الناس هم المشركون وأعداء
الإسلام ، الذين أضمروا في أنفسهم عداء لقائده ، فالآية متضمنة للتنبّؤ بالغيب
أيضاً ، إذ لم يتمكن أحد من أعداء الإسلام أن يقتله ، مع كثرة عددهم ووفرة
استعدادهم ، وكانوا يتربصون به الدوائر ، ويتحيّنون به الفرص ، للايقاع به والقضاء
عليه ، وعلى دعوته وهو أضعف منهم استعداداً وأقل جنوداً ، فمن الذي يملك هذا الوعد
إذن ، إلاّ الله الذي يغلِب ولا يغلَب.
وقال سبحانه : (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ
المُشْرِكِينَ * إِنَّا كَفَيْنَاكَ
المُسْتَهْزِئِينَ * الَّذِينَ يَجْعَلُونَ
مَعَ اللهِ إِلَٰهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) ( الحجر :
٩٤ ـ ٩٦ ) أخبر سبحانه عن أنّه يكفيه عن أذى المستهزئين ومؤامراتهم ، وقد كفاه
الله أشرف كفاية لم تكن تتعلق بها الآمال بحسب العادة ، وقد بان للمشركين وعلموا
ما في قوله سبحانه في آخر الآية : (فَسَوْفَ
يَعْلَمُونَ).
روى البزاز والطبراني عن أنس بن مالك
أنّها نزلت عند مرور النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
على أناس بمكة فجعلوا يغمزون في قفاه ، ويقولون هذا الذي يزعم أنّه نبي ومعه
جبرئيل [١]
فأخبرت الآية عن ظهور دعوة النبي ، وانتصاره على أعدائه ، وخذلانه للمشركين الذين
ناووه واستهزأوا بنبوّته واستخفّوا بأمره ، وكان هذا الإخبار في زمان لم يخطر فيه
على بال أحد من الناس ، اندحار قريش ، وانكسار شوكتهم وظهور النبي عليهم.
قال الطبرسي : أي كفيناك شر المستهزئين
واستهزاءهم بأن أهلكناهم وكانوا