ثانياً : إنّ التجارة وإن كانت تتوقف
على القراءة والكتابة في الأوساط المدنية غير أنّ الدارج في البيئات البعيدة عن
الحضارات كان غير ذلك ، خصوصاً قريش الذين كانت لهم رحلة الشتاء والصيف ، فكانوا
يبيعون أو يشترون ، ويرجعون ، من دون أن يبقى لهم أو عليهم شيء.
هذا ما لدى القائلين من الأدلّة على
كونه صلىاللهعليهوآلهوسلم قارئاً
وكاتباً بعد بزوغ نبوّته ، هلم معي ندرس بعض ما وقفنا لهم في المقام من كلمات تؤكد
من نقلناه عنهم.
قال الشيخ : « إنّ الحاكم يجب أن يكون
عالماً بالكتابة والنبي عليه وآله السلام كان يحسن الكتابة بعد النبوّة وإنّما لم
يحسنها قبل البعثة » [١].
وتبعه ابن ادريس الحلي في باب سماع
البيّنات من كتاب القضاء وجاء بعين ما نقلناه عن الشيخ [٢].
واختاره العلامة الحلي في كتاب النكاح
عن تذكرته عند البحث عن مختصات النبي الأكرم حيث قال : كان يحرم عليه الخط والشعر
تأكيداً لحجته وبياناً لمعجزته قال الله تعالى : (وَلا
تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ) وقال تعالى : (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ) ( يس ـ ٦٩
).
وقد اختلف في أنّه هل كان يحسنها أو لا
: وأصح قولي الشافعي الثاني وإنّما يتجه التحريم عل الأول [٣] أي على القول بأنّه كان يحسن الكتابة
إذ على فرض عدم عرفانه بها ، فالتحريم يكون لغواً وتحصيلاً للحاصل.
غير أنّ دلالة الآية على حرمة الكتابة
عليه ، مبني على كون « لا » في قوله : (وَلا
تَخُطُّهُ)
ناهية وهو خلاف الظاهر ، خصوصاً بملاحظة سياق الآية أي قوله تعالى : (مَا كُنتَ تَتْلُوا مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ) فإنّه جملة
خبرية وهو يقتضي أن تكون الجملة التالية لها أيضاً خبرية لا انشائية.