وهذا « صاحب الجواهر » ذلك الفقيه
الأعظم ، من فقهاء القرن الثالث عشر الإسلامي ، قد جاء في مشروعه الوحيد « جواهر
الكلام » بأضعاف ما جاء به العلامة الحلي ، فإنّ الباحث عندما يقف أمام هذا الكتاب
الثمين وينظر في مباحثه ، يرى أمامه بحراً يزخر بالدرر التي تحار في حصرها النهى
والخواطر وتنبهر لها عيون البصائر ، فلقد حوى من الفروع والقوانين ، ما يعسر عدها.
ولأجل ذلك استعارت منا الاُمم الغربية
كثيراً من قوانينه ، ( بعكس ما نحن عليه الآن من تبعيّتنا للقوانين الأجنبية )
وليس ذلك إلاّ لأجل كون الفقه الإسلامي ذا مادة حيوية ، وقواعد متموّجة ، تستطيع
أن تواجه الأحداث الطارئة طيلة القرون.
يوم كان الإسلام يبسط ظله على أكثر من
نصف المعمورة ، حيناً من الدهر وإنّ الاُمّة الإسلامية ، كانت تتألّف من شعوب
مسلمة مختلفة الألوان ، لكلّ بيئة خواصها في العادات والتقاليد ، وما يقع فيها من
وقائع وأحداث ، كان التشريع الإسلامي بقواعده واُصوله الوافرة ، وافياً لاستخراج
أحكامها ، من دون أن تمدّ يدها إلى المساعدات الأجنبية.
الرابع : تشريع الاجتهاد
وهو بذل الوسع في استنباط الأحكام
الشرعية عن مصادرها المعينة ، وهو رمز خلود الدين وبقاء قوانينه ، لأنّه يحفظ
غضاضة الدين وطراوته ، ويجدده ويصونه عن الإندراس ، ويغني المسلمين عن موائد
الأجانب ، باعطائه كل موضوع ما يقتضيه من حكم.
« أما لزوم فتح هذا الباب في أعصارنا
هذه فلا يحتاج إلى البرهنة والدليل إذ نحن في زمن تتوال فيه المخترعات والصناعات ،
وتجعلنا هذه المجالات أمام أحد اُمور :
أمّا بذل الوسع في استنباط أحكام
الموضوعات الحديثة ، من الاُصول والقواعد الإسلامية.
أو اتباع المبادئ الاوربية ، من غير نظر
إلى مقاصد الشريعة ، وأمّا الوقوف من غير