وقد حقق في أبحاث الولاية الالهية أنّ
وجه الأرض والمجتمع الانساني لا يخلو أبداً من انسان كامل ذي يقين ، مكشوف له عالم
الملكوت ، وله ولاية على الناس في أعمالهم ، يهديهم إلى الحق ويوصلهم إلى المطلوب
بأمر من الله سبحانه ، كما هو شأن الإمام في كل عصر ودور ، لقوله سبحانه : (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ
بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ) ( السجدة ـ ٢٤
).
فهذا الفيض الالهي والعرفان المعنوي ،
لم يزل يجري علي المجتمع البشري بأمر منه سبحانه ، وينزل عليهم من طريق الإمام ،
ليهديهم سبيل الحق ويرشدهم إلى مدارج الكمال ، حسب استعداداتهم وقابلياتهم.
قال سيدنا الاُستاذ قدسسره : إنّه سبحانه كلّما تعرض لمعنى
الإمامة تعرض معها للهداية ، تعرض التفسير قال تعالى في قصة إبراهيم : (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ
نَافِلَةً وَكُلاًّ جَعَلْنَا صَالِحِينَ
* وَجَعَلْنَاهُمْ
أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا) ( الأنبياء ـ
٧٢ ـ ٧٣ ).
وقال سبحانه : (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ
بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ) ( السجدة ـ ٢٤
).
فوصفهم بالهداية وصف تعريف ، ثمّ قيد
هذا الوصف بالأمر فبيّن أنّ الإمامة ليست مطلق الهداية بل هي الهداية التي تقع
بأمر الله ، فالإمام هاد يهدي بأمر ملكوتي يصاحبه ، فالإمامة بحسب الباطن نحو
ولاية للناس في أعمالهم وهدايتهم ، إيصالهم إلى الكمال بأمر الله دون مجرد اراءة
الطريق الذي هو شأن النبي والرسول وكل مؤمن يهدي إلى الله سبحانه بالنصح والموعظة
الحسنة [١].
فهذا الباب من الفتوحات الغيبية والفيوض
الالهية مفتوح ، في وجه الاُمّة لم يوصد أبداً.