والمراد من قوله : (ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ) هو مشاهدتها
يوم القيامة بقرينة قوله سبحانه بعد ذلك : (ثُمَّ
لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) فالمراد
بالرؤية الاُولى رؤيتها قبل يوم القيامة ، وبالثانية رؤيتها يوم القيامة [١].
٦. وقال سبحانه : (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى
وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ) ( محمد ـ ١٧ ) فلو أنّ الانسان جعل
نفسه في مسير الهداية ، وطلبها من الله سبحانه زاده تعالى هدى وآتاه تقواه.
٧. وقال سبحانه : (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ
وَزِدْنَاهُمْ هُدًى) ( الكهف ـ ١٣ ) والآية تبيّن حال أصحاب
الكهف الذين اعتزلوا قومهم ، وتغرّبوا لحفظ إيمانهم ودينهم فزاد الله من هداه في
حقهم وربط على قلوبهم كما يقول سبحانه :
والقرآن يصرح بانفتاح باب الهجرة إلى
الله ورسوله ، والهجرة كما تشمل الهجرة الظاهرية تشمل الهجرة المعنوية ، التي هي
عبارة عن السير في مدارج الكمال والإنابة إليه سبحانه.
٩. يقول سبحانه : (وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى
اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ المَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ) ( النساء ـ ١٠٠
) ، وإلى الهجرة المعنوية ( هجرة النفوس عن السيئات إلى الطاعات ) يشير النبي
الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم إذ يقول :
« من كانت هجرته إلى الله ورسوله ،
فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى مال يصيبه فهجرته إلى ما هاجر إليه » [٢] فحمل الآية والرواية على خصوص الهجرة
الظاهرية والخروج عن الأوطان والتغرّب لحفظ الإيمان هو أحد أبعاد الآية ، فهناك
بعد آخر ، وهو حملها على مهاجرة النفوس من الظلمة إلى النور ، ومن الضلال إلى
الهداية ،