وأوضحنا فيه حال هذا
التشكيك وجعلناه في مدحرة البطلان وأقمنا الدليل على أنّ ختم النبوّة يلازم ختم
الرسالة.
وخلاصة ما قلناه هناك : إنّ النبي حسب
ما يظهر من آيات الذكر الحكيم وكلمات اعلام اللغة ، هو الانسان الموحى إليه من
الله باحدى الطرق المعروفة ، وأمّا الرسول فهو الانسان [١] القائم بالسفارة من الله بابلاغ قول أو
تنفيذ عمل وإن شئت قلت : النبوّة منصب معنوي يستدعي الاتصال بالغيب باحدى الطرق
المألوفة ، والرسالة سفارة للمرسل ( بالفتح ) من جانبه سبحانه لتنفيذ ما تحمله منه
في الخارج أو ابلاغه إلى المرسل إليهم.
وبعبارة ثالثة : النبوّة تحمل الأنباء
من الله والرسالة تنفيذ ما تحمله من الانباء بالتبشير والانذار والتبليغ وإلتنفيذ.
ولأجل ذلك يقترن لفظ الوحي بلفظ «
النبيين » ويقول سبحانه : (إِنَّا
أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن
بَعْدِهِ)
( النساء ـ ١٦٣ ).
ولو اقترن لفظ الوحي بالرسول في آية
اُخرى ، فلمناسبة اُخرى اقتضت العدول فيه كما أنّه يقترن في القرآن إلزام الانسان
بتبليغ كلام عنه سبحانه أو تنفيذ عمل في الخارج بلفظ « الرسول » ويقول سبحانه : (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ
إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ) ( المائدة ـ ٦٧ ).
وقال سبحانه : (قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ
لَكِ غُلامًا زَكِيًّا) ( مريم ـ ١٩ ).
وعلى ذلك فالنبي أمّا صيغة لازم بمعنى
صاحب النبأ ومتحمله ، أو صيغة متعد بمعنى المخبر عنه سبحانه ، والرسول هو الموظّف
لتحقيق ما تحمله النبي من جانب الله سبحانه عن طريق الوحي.
فلو فرض أنّه أوصد باب النبوّة وختم
نزول الوحي إلى أي انسان كما يصرح به
[١] المقصود هو
الرسول المصطلح فلا ينافي اطلاقه على الملك والشخص العادي في القرآن الكريم.