والأولى أن نرجع قبل كل شيء إلى نفس
القرآن وموارد استعمال هذه المادة فيه ، حتى نستعين بالقرآن الكريم نفسه ، في رفع
الابهام :
١. (يُسْقَوْنَ
مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ) ( المطففين ـ ٢٥ ) أي من الشراب الخالص
الذي لا غش فيه ، تختم أوانيه من الأكواب والأباريق بمسك ، أو مختوم بابه بشي مثل
الشمع وغيره ، وذلك آية خلوصه.
٢. (خِتَامُهُ
مِسْكٌ وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ) ( المطففين ـ
٢٦ ) مقطعه رائحة مسك إذا شرب.
فإذا انتهى الكافر من كفره إلى حالة
يعلم الله أنّه لا يؤمن ، يطبع الله على قلبه كما يطبع على الشيء بالشمع والطين
فيصير قلبه كالمختوم عليه ، لا يدخله شيء ، ولا يخرج منه شيء ، فلا يدخله الإيمان
ولا يخرج منه الكفر.
فالختم على الشيء ، بمعنى الطبع عليه
كناية عن ختم أمره ، فالختم على القلب يلازم انتهاء أمره وامتلاءه بالكفر والالحاد
فلم يبق فيه موضع لنور الحق وكلماته ، كما أنّ ختم الورقة وطبعها بالطابع علامة
أنّ الكاتب بلغ ما أراد من كتابته فيها ، وانتهى غرضه