وعقولهم ، ولم تجتثّ
الرواسب الجاهلية المتأصّلة فيهم ، فقد كانت هذه الرواسب تلوح منهم بين حين وآخر ،
. وتظهر مظاهر التذبذب والتردّد ، كلمّا أحكمت الصعوبات والمحن بقبضتها عليهم !!!
ففي معركة ( احد ) مثلاً عندما ترك بعض
الرماة مواقعهم على الجبل ( خلافاً لأمر الرسول الأكرم وتأكيداته على البقاء )
وبوغت المسلمون بهجوم الكفار عليهم وهم يجمعون الغنائم ، واصيبوا بنكسة كبرى وروّج
الأعداء المشركون شائعات عن مقتل النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم
، هرب بعض المسلمين من ساحة المعركة ، ولاذ بعضهم بالجبل ، بل فكّر بعضهم بالتفاوض
مع المشركين حتّى أتاهم أحد المقاتلين ووبّخهم على فرارهم وتخاذلهم وتردّدهم
قائلاً : « إن كان محمّد قد مات فربّ محمّد حيّ ، قوموا ودافعوا عن دينه » [١].
ولم تكن هذه الواقعة وحيدة من نوعها ، فقد
ظهرت بادرة الارتداد من بعضهم في ( هوازن ) ما لا يقلّ عمّا ظهر في أحد.
فقد روى ابن هشام عن جابر بن عبد الله الأنصاريّ
، قال : لمّا استقبلنا وادي حنين ، انحدرنا في واد من أودية تهامة أجوف( أي متّسع
) حطوط( أي منحدر ) انّما ننحدر فيه انحداراً ، وقال : وفي عماية الصبح ، وكان
القوم ( العدو ) قد سبقونا إلى الوادي ، فكمنوا لنا في شعابه وأحنائه ومضايقه وقد
أجمعوا وتهيّأوا وأعدّوا ، فوالله ما راعنا ونحن منحطون إلاّ الكتائب قد شدّوا
علينا شدّة رجل واحد وانشمر ( أي انهزم ) الناس راجعين لا يلوي أحد على أحد وانحاز
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ذات اليمين
، ثمّ قال : « أين أيّها الناس هلمّوا إلّي ، أنا رسول الله ».
فانطلق الناس ( أي هربوا ) إلاّ أنّه قد
بقي مع رسول الله نفر من المهاجرين والأنصار.
فلمّا انهزم الناس ، ورأى من كان مع
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من جفاة أهل
مكّة الهزيمة ،