غير أنّنا نلفت القارئ الكريم إلى أنّ
الحكومة الإسلاميّة لا تقتصر على ( الخمس والزكاة ) الماليتين ، فهما يشكّلان
جانباً واحداً من عائداتها ... بل هناك منابع اُخرى نشير إليها باختصار :
١. الأنفال
وهي كلّ أرض ملكت بغير قتال ، وكلّ موات
، ورؤوس الجبال وبطون الأودية ، والآجام والغابات والمعادن [١] ، وميراث من لا وارث له ، وما يغنمه
المقاتلون بغير إذن الإمام ، وكافّة المياه العامّة والأحراش الطبيعيّة ، والمراتع
التي ليست حريماً لأحد وقطائع الملوك وصفاياهم غير المغصوبة.
فذلك كلّه يكون أمره بيد الحكومة
الإسلاميّة باعتبارها الممثّلة الشرعيّة للاُمّة الإسلاميّة التي تعود إليها
ملكيّة هذه الأشياء ، فتتصرّف فيها الحكومة الإسلاميّة وتصرف عائداتها في مصالح
المسلمين وشؤونهم ، والأصل في ذلك قوله سبحانه : (يَسْأَلُونَكَ
عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ للهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ
وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ) ( الأنفال :
١ ).
وما لله وللرسول في هذه الآية يصرف في
مصالح المسلمين.
ويدلّ على ذلك أيضاً قوله سبحانه : (وَمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ
مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ
[١] لقد اختلف فقهاء
الشيعة الإماميّة في عدّ المعادن من الأنفال فمنهم ـ كالمفيد وسلار ـ من عدّها من
الأنفال ، تبعاً لما ورد عن الإمام الصادق عليهالسلام
في تعربف الأنفال حيث قال : « هي التي خربت ... والمعادن منها » وفي خبر آخر سئل
عن الأنفال فقال : « المعادنُ والآجامُ » ومنهم من لم يعدّها من الأنفال ـ كالمحقّق
وغيره ـ لاحظ جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام ٣٨ : ١٠١ ـ ١١٣.
وذهب الإمام الخمينيّ إلى أنّ
المعادن من الأنفال إذا لم تكن لمالك خاصّ تبعا للأرض أو بالإحياء ( تحرير الوسيلة
١ : ٣٦٩ ) ، هذا وللمعادن المكشوفة الموجودة في الأراضي المملوكة أحكام خاصّة
فليرجع إلى الكتب الفقهيّة ( لاحظ تحرير الوسيلة ٢ : ٢٢٠ ).