إنّ قوام كلّ اُمّة من الاُمم يرتبط
بمدى قدرتها على الدفاع عن وجودها ، وحماية شخصيّتها اتّجاه الأعداء ، فبقدر ما
تكون تلك الاُمّة مجهّزة بالعدد والعدّة ، تستطيع أن تدفع عن نفسها أي عدوان
وتحافظ على كيانها في سياج من الأمن والدعة والاسقرار ، وبقدر ما تكون ضعيفة في
هذه الناحية تكون معرّضة للزوال والاندحار أمام هجمات الأعداء ، ومن هنا أنشأت
الجيوش ، واُوجدت العساكر الجرّارة ... وظهرت إلى الوجود الأساطيل البحريّة ، ووسائل
الحرب ... .
ولقد صارت هذه الجيوش والعساكر شيئاً
فشيئاً وسيلة بأيدي الطغاة والطامعين فغزوا بها البلاد وأغاروا بها على المدن ... فكانت
الوقائع الدامية ، والحروب المريعة ، والمجازر الفضيعة التي صبغت التاريخ البشريّ
بلون الدم القاني.