إنّ للإنسان ـ في الاقتصاد الإسلاميّ ـ مقاماً
رفيعاً ، وشأناً كبيراً ، فهو لم يخلق للإنتاج والاستهلاك ، وهو لم يأت إلى هذه
الحياة ليكون مسماراً في معمل أو حيواناً مستهلكاً في زريبة. بل هو كائن مكرّم
خلقت الأشياء لأجله ولم يخلق هو لأجلها ولذلك فليس الإنسان عبداً أسيراً بيد
الاقتصاد ، وآلة طيّعة بأيدي الاقتصاديّين ليستغلّوه كيفما شاؤوا ، ويستخدموه
كيفما أرادوا ، كيف وقد جعله الله حرّاً كما قال الإمام عليّ عليهالسلام : « لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرّاً
» [١].
وأيّة عبوديّة أشدّ وأوضح من تعلّق
الإنسان بالمال ، وفنائه في الإنتاج والتوزيع والاستهلاك ؟ وهل جاء الإنسان إلى
هذه الحياة ليفعل ما تفعله الحيوانات في حظائرها وزرائبها كما يقول الإمام عليّ عليهالسلام : « ما خلقت ليشغلني أكل الطيّبات
كالبهيمة المربوطة همّها علفها ، أو المرسلة شغلها تقمّمها ، تكترش من أعلافها ، وتلهو
عمّا يراد بها ، أو اترك سدىً ، أو أهمل عابثاً ، أو أجرّ حبل الضّلالة أو اعتسف
طريق المتاهة » [٢].
فذلك لا يتفق مع المكانة التي رشّحه
الله سبحانه لها ، والمقام الذي ندبه إليه ، وهو مقام الخلافة الإلهيّة في الأرض ،
التي صرح بها القرآن الكريم إذ قال : (وَإِذْ
قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) ( البقرة :
٣٠ ).
وهو الذي كرّمه الله سبحانه ، وفضّله
على كثير ممّن خلق إذ قال : (وَلَقَدْ
كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم
مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا
تَفْضِيلاً) ( الإسراء : ٧٠ ).
إنّ الإسلام ينظر إلى النوع الإنسانيّ
من هذه الزاوية ، وبهذا المنظار ، فإنّ الإنسان ـ في منطق الإسلام ـ كائن مكرّم ، ذو
مكانة رفيعة فلا تجوز الاستهانة بقيمته ، وتلخيص