نعم ربّما يتسبّب الإنسان نفسه في
عبوديّته إذا تخاذل وخنع ، وتهاون في حفظ شخصيّته ، وترك الآخرين يستعبدونه
ويسلبون حريّته ، ويستعلون عليه ويسترقّونه ولم يدافع حقّ الدفاع عن حريّته
وكرامته ، قال الإمام عليّ عليهالسلام
: « الناسُ كُلُّهم أحرار إلاّ من أقرّ على نفسه بالعُبُوديّة » [١].
ولكنّ الإسلام حارب كلّ ألوان الخضوع
والتبعيّة لغير الله ... ووصف هدفه بأنّه جاء ليضع عن الناس كلّ الأغلال قال
سبحانه : (وَيَضَعُ عَنْهُمْ
إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ) ( الأعراف :
١٥٧ ).
كما حارب الإسلام بشدّة كلّ ألوان الرقّ
الذي كان متعارفاً زمن الجاهليّة ولا زال العالم الحديث يعاني منه قليلاً [٢].
ومن حقّ الحريّة الشخصيّة هذه أن يصبح
كلّ إنسان آمناً على حريّته فلا يحبس ولا يعتقل إلاّ بقانون صحيح [٣].
٢. الحريّة الفكريّة والعقيديّة :
وهي من أهمّ أقسام الحريّة ( بعد
الحريّة الشخصيّة ) وتعني : بأن يكون لكلّ إنسان الحقّ في اختيار ما يراه من عقيدة
، واعتناق ما يريده من فكرة دون أن يجوز لأحد إجباره على غيره ، وإلى هذا أشار
القرآن الكريم إذ قال : (لا
إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) ( البقرة :
٢٥٦ ).
[٢] لقد ذكرنا لك
فلسفة الرقّ الذي يعترف به الإسلام أثناء الحرب في الفصل الرابع الصفحة : ٢٥٧ من
هذا الكتاب.
[٣] ليس للسجون في
النظام الإسلاميّ مجال واسع كما هو الحال في الأنظمة الوضعية ، نعم هناك بعض
الموارد يضطرّ فيها الحاكم إلى حبس الأفراد وهي نادرة مذكورة في الفقه ، وسنذكر
إجمال القول فيها في آخر هذا الفصل.