على الشعب ، اتّجاه
الحاكم إذ يقول ـ في وضوح كامل ـ :
« وأعظم ما افترض الله من تلك الحقوق ، حقُّ
الوالي على الرّعيّة وحقُّ الرّعيّة على الوالي ، فريضةً فرض الله سبحانه ، لكلّ
على كلّ ، فجعلها نظاماً لالفتهم ، وعزاً لدينهم ، فليست تصلح الرّعيّة إلا بصلاح
الولاة ، ولا يصلح الولاة إلا باستقامة الرّعيّة.
فإذا أدّت الرّعيّة إلى الوالي حقّه
وأدّى الوالي إليها حقّها عزّ الحقُّ بينهم ، وقامت مناهج الدّين ، واعتدلت معالم
العدل وجرت على أذلالها السُّنن ، فصلح بذلك الزّمان ، وطمع في بقاء الدّولة ويئست
مطامع الأعداء ، وإذا غلبت الرّعيّة واليها أو أجحف الوالي برعيّته اختلفت هنالك
الكلمة ، وظهرت معالم الجور ، وكثر الإدغال في الدّين ، وتركت محاجُّ السُّنن ، فعمل
بالهوى ، وعطّلت الأحكام وكثرت علل النفوس ، فلا يستوحش لعظيم حقّ عطّل ، ولا
لعظيم باطل فعل ، فهنالك تذلُّ الأبرار ، وتعزُّ الأشرار ، وتعظّم تبعات الله عند
العباد » [١].
ثمّ إنّ الإمام عليّاً عليهالسلام يصرّح في هذه الخطبة ذاتها بالحقوق
المشتركة والمسؤوليات المتقابلة إذ يقول : « أمّا بعد ، فقد جعل الله لي عليكم
حقّاً بولاية أمركم ، ولكم عليّ من الحقّ مثل الذي لي عليكم ».
ثم يشير الإمام عليهالسلام في هذه الخطبة إلى واحدة من أنصع
القوانين الإسلاميّة ، وهو قانون التسوية بين جميع أفراد الاُمّة الإسلاميّة
حكّاماً ومحكومين ، رؤوساء ومرؤوسين ، وزراء ومستوزرين ، وبذلك ينسف فكرة : أنا
القانون ، أو أنا فوق القانون ، فيقول عليهالسلام
: « ... الحقُّ لا يجري لأحد إلاّ جرى عليه ، ولا يجري عليه إلاّ جرى له ».
وعلى هذا ، فلا تمييز ولا تفرقة بين
الحاكم والمحكوم بل الجميع أمام القوانين الإسلاميّة المدنيّة والجزائيّة وغيرها
سواء ، وعلى الحاكم والرئيس أن يؤدّي حقوق الناس كأيّ فرد من أفراد الاُمّة
العاديين ، وبذلك يدعم الإمام ما روي عن الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم إذ يقول : « النّاس أمام الحقّ سواء ».