على أنّ من التخصّص أيضاً معرفة الزمان
وأهله وما يقتضيانه من التدبير والحيلة. ولذلك قال الإمام عليّ عليهالسلام : « العالمُ بزمانه لا تهجُمُ عليه اللّوابسُ
» [١].
وقال الإمام الصادق جعفر بن محمّد عليهماالسلام وهو يصف المسؤول الصالح ، والراعي
الناجح : « يعملُ ويخشى ... رجلاً ، داعياً ، مشفقاً مُقبلاً على شأنه ، عارفاً
بأهل زمانه مُستوحشاً من أوثق إخوانه ، فشدّ الله من هذا أركانه وأعطاه يوم
القيامة أمانه » [٢].
إن قوله « مُقبلاً على شأنه ، عارفاً
بأهل زمانه » إشارة إلى شرط التخصّص بجانبيه : معرفة الأمر ، ومعرفة الزمان وأهله.
٢. الوثاقة
إنّ أهمّ شرط بعد شرط التخصّص هو :
الوثاقة وكون المسؤول الحكوميّ أميناً ومأموناً على إدارته ومسؤوليّته فإنّ أكثر
المآسي الاجتماعيّة الناشئة من رجال الحكومات في الأنظمة البشريّة ترجع ـ في
الحقيقة ـ إلى خيانة هؤلاء الرجال لما أوكل إليهم من مسؤوليّات ومهامّ ، فقاموا
بها دون ورع ، وتصرّفوا فيما فوّض إليهم دون تقوى ولأجل ذلك يؤكد القرآن الكريم
على تفويض الاُمور إلى الأمناء من الرجال ، المأمونين على أرواح الناس وأعراضهم
وأموالهم إذ يقول عن لسان ابنة شعيب : (يَا أَبَتِ
اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ) ( القصص :
٢٦ ).
فإنّ كانت القوّة والأمانة شرطان
ضروريّان في راعي شويهات وأغنام ، كان اشتراطهما في من يراد تسليطه على أرواح
الناس وأموالهم وأعراضهم ضروريّاً بطريق أولى.
٣. الزهد والتعفّف
والمراد من الزهد هو أن لا يكون المرء
متعلّقاً بالدنيا وحطامها ، وآخذاً بها على وجه