إنّ الفقيه بحكم مسؤوليته اتّجاه
الإسلام والمسلمين يتحرّى في جميع الظروف مصالح الاُمّة ، فإذا كانت الحكومة التي
إقامتها الاُمّة الإسلاميّة موافقةً للمعايير الإسلاميّة ، ومطابقةً للمصلحة
الاجتماعيّة العليا وجب عليه إمضاؤها ، وإقرارها ، وليس له أن يردّها ، ولأجل ذلك
لا يترتب على ( ولاية الفقيه ) إلاّ استقرار الحكومة الإسلاميّة الصالحة ، ولا
يتغيّر بولايته أي شيء من الأركان والمؤسسات الحكوميّة المذكورة سلفاً ، ولا تتعارض
مع ما ذكرناه وأثبتناه من حريّة الاُمّة واختيارها.
ذلك هو مجمل حقيقة ولاية الفقيه ، وهذه
هي كيفيّة ممارستها إلى جانب التشكيلات الاُخرى في النظام الإسلاميّ.
وهي كما ترى خير ضمان جوهراً وممارسةً
لاستقامة الحكومة في المجتمع الإسلاميّ ، وإبقائها على الخط المستقيم دون أن
يستلزم فرض هذه الولاية اعتبار الاُمّة قصراً ، أو يلازم استبداداً كما يشاء البعض
وصفها بذلك ، أو يتوهّمونه خطأً وغفلةً عن حقيقة الحال لهذا العنصر العظيم في
الفقه الإماميّ على صعيد الحكم.
* * *
كلمة أخيرة :
لقد تبيّن من هذا البحث الواسع حول لون
الحكومة الإسلاميّة ، أنّ الحكومة عند حضور الإمام المنصوص عليه من جانب الله حكومة
إلهيّة محضة ، وأمّا عند عدم إمكان التوصّل إليه فهي مزيج من ( الحاكميّة الإلهيّة
والسيادة الشعبيّة ).
فهي إلهيّة : من جهة أنّ التشريع لله سبحانه
بالأصالة ، وأنّ على الاُمّة الإسلاميّة أن تراعي جميع الشرائط والضوابط
الإسلاميّة في مجال الانتخاب ، وأنّ على الحاكم الإسلاميّ أن يلتزم بتنفيذ الشريعة
الإسلاميّة حرفاً بحرف ، فلأجل هذه الجهات تعدُّ إلهيّة ، أو حكومة قانون الله على
الناس.
وهي شعبيّة : من جهة أنّ انتخاب الحاكم
الأعلى وسائر الأجهزة الحكومية العليا