وبذلك يظهر أنّ
للعموم الحاكم على المتعلّق في الآيات ، أعني قوله تعالى : (كُلَّ شَيْءٍ) ، وإضرابه
دليلاً على أنّ المقصود حصر مطلق الخلق المتعلّق بالذوات والأفعال بالله سبحانه.
ثالثاً : انّ المقصود من التوحيد في
الخالقية هو التوحيد في التأثير والإيجاد سواء أصح إطلاق الخلق عليه أم لا. [١] والمراد أنّ كل موجود ممكن غير مستقل
في ذاته غير مستقل في فعله وتأثيره أيضاً ، لأنّ غير المستقل في الذات والقوى
والطاقات غير مستقل في أعمال هذه القوى والاستفادة من هذه الطاقات ، إلاّ أنّ كون
الفاعل غير مستقل ليس بمعنى كونه مجبوراً ومضطراً في أعمال هذه القوى والطاقات ،
بل هو مخير في أعمالها على أي نحو شاء.
وتظهر حقيقة هذا المعنى بالتدبّر في
الآيات التي تصف الله تبارك وتعالى بالقيومية كما في قوله سبحانه : (اللهُ لاَ إِله إِلاَّ هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ)[٢]. [٣]
فإنّ معنى القيومية ليس إلاّ قيام ما
سواه ـ من ذات وفعل ومؤثر وأثر ـ به سبحانه ومعه كيف يمكن أن نصف الموجودات
الإمكانية بالاستقلال في الفاعلية والتأثير.
سؤال في المقام
إذا كان المشركون لا يشكّون في موضوع «
التوحيد في الخالقية » ، فلماذا نجد
[١] نعم عند ذاك لا
تصلح الآيات الحاصرة للخلق بالله سبحانه للاستدلال في المقام إلاّ بضرب من التأويل
، ولابد من الاستدلال بالآيات التي تحصر القيومية بالله سبحانه وغيرها من الآيات.