بعد أن فرغنا من البحث حول التثليث من
وجهة نظر القرآن ، يتعين علينا أن نعرضه على المعايير العقلية لنرى مدى انطباقه
على تلك المعايير.
تحكي كلمات المسيحيين ـ في كتبهم
الكلامية ـ عن أنّ الاعتقاد بالتثليث ـ عندهم ـ من المسائل التعبدية التي لا تدخل
في نطاق التحليل العقلي ، لأنّ التصورات البشرية لا تستطيع أن تصل إلى فهم هذا
المطلب ، كما أنّ المقايسات التي تنبع من العالم المادي تمنع من إدراك حقيقة
التثليث لأنّ حقيقته ـ حسب زعمهم ـ فوق القياسات المادية.
ثم يقولون : حيث إنّ تجارب البشر مقصورة
بالمحدود ، فإذا قال الله بأنّ طبيعته غير المحدودة تتألف من ثلاثة أشخاص ، لزم
قبول ذلك ، إذ لا مجال للمناقشة في ذلك ، وإن لم يكن هناك أي مقياس لمعرفة معناه ،
بل يكفي في ذلك ورود الوحي على أنّ هؤلاء الثلاثة يؤلِّفون بصورة جماعية « الطبيعة
الإلهية اللامحدودة » !! وانّهم رغم تشخص كل واحد منهم وتميّزه عن الآخرين ليس
بمنفصل ولا متميز عن الآخر رغم انّه ليست بينهم أية شركة في الالوهية ، بل كل واحد
منهم إله مستقل بذاته ومالك بانفراده لكامل الالوهية !!! [١].
فالأب مالك ـ بانفراده ـ لتمام الالوهية
وكاملها متحقق فيه دون نقصان.
والابن كذلك مالك ـ بانفراده ـ لتمام
الالوهية وكامل الالوهية متحقق فيه دون نقصان.
[١] انظر إلى
التناقض الواضح بين تشخص كل واحد من جانب وعدم تميز كل واحد عن الآخر ، ولأجل ذلك
جعلوا منطقة التثليث منطقة محرمة على العقل.