ما سلف فنقول : إنّ
المراد ب « السجود الطوعي » هو قبول تلك الحالات الملائمة للطبع البشري أو لطبع
أي موجود آخر ، كالنمو ، ودوران الدم ، وضربان القلب ، بينما يكون المقصود ب «
السجود الإجباري » هو قبول تلك الحالات المنافية للطبع كالموت والبلاء والمحنة
التي تقضي على الإنسان أو الحيوان قبل حلول أجله الطبيعي.
والجدير بالذكر أنّ القرآن الكريم
استعمل هاتين اللفظتين : « طوعاً وكرهاً » في مورد سجود السماوات والأرض ، ومن
الطبيعي أنّ المقصود من ذلك هو ما قلناه كذلك.
فمراد الله من خطابه للسماوات والأرض إذ
يقول لهما : (ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ
كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) هو دعوة
السماوات والأرض إلى أن تقبل أي نوع من التغيّرات والتبدّلات والحالات سواء أكانت
ملائمة لطبعها أم لا ؟
وعلى هذا فإنّ قبول الشيء للوجود ،
وقبوله لأي نوع من التصرّفات سواء أكانت موافقة لطبعه أم مخالفة له ، خضوع وإظهار
للتذلّل أمام الله ، غاية ما هنالك أنّ قبول هذه الأُمور قد يكون كلّه عن رغبة
وطواعية باعتبار ، وقد يكون قبول بعض هذه الحالات عن كراهية عندما تكون على خلاف
طبع الشيء.
على أنّه ليس وجود الموجودات هو وحده في
قبضة الله تعالى ، بل ظلالها هي الأُخرى تابعة لإرادته تعالى في حركاتها ،
وتحوّلاتها ، بكرة وعشياً كما قال سبحانه :