والتوحيد الافعالي هو أن نعتقد بأنّ هذه
« الآثار » مخلوقة هي أيضاً لله تعالى كما أنّ عللها مخلوقة له سبحانه.
بمعنى أنّ الله الذي خلق العلل المذكورة
هو الذي منحها تلك « الآثار ».
فخلق الشمس وأعطاها خاصية الإشراق ،
وخلق النار وأعطاها خاصية الإحراق ، وخلق السيف وأعطاه خاصية القطع ، إلى آخر ما
هنالك من العلل والمعلولات ، والأسباب والمسببات والمؤثرات وآثارها.
وبعبارة أُخرى : انّ « التوحيد الافعالي
» هو أن نعترف بأنّ العالم بما فيه من العلل والمعاليل ، والأسباب والمسببات ، ما
هو إلاّ فعل الله سبحانه ، وأنّ الآثار صادرة عن مؤثراتها بإرادته ومشيئته.
فكما أنّ الموجودات غير مستقلة في
ذواتها بل هي قائمة به سبحانه ، فكذا هي غير مستقلة في تأثيرها وعلّيَّتها
وسببيَّتها.
فيستنتج من ذلك أنّ الله سبحانه كما لا
شريك له في ذاته ، كذلك لا شريك له في فاعليته وسببيته ، وأنّ كل سبب وفاعل ـ
بذاتهما وحقيقتهما وبتأثيرهما وفاعليتهما ـ قائم به سبحانه وأنّه لا حول ولا قوة
إلاّ به.
ويندرج في ذلك « الإنسان » ، فبما أنّه موجود
من موجودات العالم وواحد من أجزائه فإنّ له فاعلية ، وعلية بالنسبة لأفعاله ، كما
أنّ له حرية تامّة في مصيره وعاقبة حياته ، ولكنَّه ليس موجوداً مفوّضاً [١] إليه ذلك ، بل هو بحول الله وقوته يقوم
ويقعد ويتسبب ويؤثر.
[١] المراد من
التفويض هو أنّ الله أعطاه الفاعلية ثم هو يفعل ما يريد دون مشيئة الله وعلى نحو
الاستقلال ، وسيأتي شرح التفويض في الفصول القادمة مسهباً.