قبل أن نبيّن هدف هذه الآيات لابد من الإشارة
إلى عدّة نقاط تساعد على فهم مفاد هذه الآيات :
١. « الملكوت » و « الملك » تهدفان إلى
معنى واحد غير انّه أُضيف إلى الأوّل « الواو والتاء » لأجل المبالغة والتوكيد على
غرار « جبروت » و « طاغوت » الذي يرجع أصلهما إلى جبر وطغيان.
وحيث إنّ معنى الملك هو المالكية
والحاكمية لذلك فمن الطبيعي أن يكون معنى الملكوت هو ذلك المعنى نفسه مع المبالغة
والتأكيد.
وسوف نوضح عند شرح استدلال إبراهيم عليهالسلام كيف أبطل الخليل : حكومة الكواكب
والشمس والقمر ومشاركتها في تدبير نظام الكون والحياة الإنسانية. وبالتالي أعلن عن
اعتقاده بأنّه ليس للكون سوى « مدبّر » واقعي واحد تجري أُمور العالم تحت إرادته
خاصّة.
٢. استفاد بعض المفسرين من العبارات
التالية : « رأى كوكباً ، فلما رأى القمر » وما يماثلهما أنّ إبراهيم عليهالسلام قال هذه العبارات عندما وقع نظره ـ
لأوّل مرّة ـ على تلك الكواكب إذ أنّه لم يكن قد رآها قبل ذلك.
وتؤيد بعض الروايات هذا الرأي حيث تقول
: إنّ أُم إبراهيم عليهالسلام
أخفته منذ بدء طفولته في الغار ، خوفاً عليه من بطش طاغية زمانه « نمرود » ، وكان
هذا أول خروجه من الغار ، والتحاقه بمجتمعه ، وقومه ، وأوّل خطوة له في مطالعة ما
حوله والتحقيق فيما يراه.
غير أنّ هاهنا احتمالاً آخر هو أنّ
إبراهيم عليهالسلام كان قد رأى
الشمس والقمر والكواكب من قبل ، ولكنَّه لم ينظر إليها بنظرة الباحث المدقّق ،
وكان هذا أوّل