نام کتاب : مجاز القرآن خصائصه الفنيّة وبلاغته العربيّة نویسنده : الصّغير، محمد حسين علي جلد : 1 صفحه : 146
عليه[١]. وأن كان من سبقه قد أدرك الفرق بين
الاستعارة وهذا النوع من المجاز ، ولكنه لم ينص عليه إلا من خلال علاقة غير
المشابهة كما هي الحال عند عبد القاهر[٢].
وجاء الخطيب القزويني ( ت : ٧٣٩ هـ )
فتابع السكاكي في التسمية والتعريف معا ، فقال عنه :
« وهو ما كانت العلاقة بين ما استعمل
فيه ، وما وضع له ملابسة غير التشبيه ، كاليد إذا استعملت في النعمة ، لأن من
شأنها أن تصدر عن الجارحة ، ومنها تصل الى المقصود بها ، ويشترط أن يكون في الكلام
إشارة الى المولي لها ، فلا يقال : اتسعت اليد في البلد ، أو اقتنيت يدا ، كما
يقال : اتسعت النعمة في البلد ، أو اقتنيت نعمة ، وإنما يقال : جلّت يده عندي ، وكثرت
أياديه لدي ونحو ذلك » [٣].
وفي هذا التعريف والتنظير تبدو العلاقة
بين الاستعمال الحقيقي والمعنى المجازي ، وتظهر الفروق المميزة بين الاستعارة
والمجاز المرسل. فبالنسبة لليد ، وهي وإن كانت جارحة لا تتصرف إلا بأمر من الإنسان
نفسه ، إلا أنها تستعمل فيما يصدر عنها من العطاء في مقام النعمة ، والبطش في مقام
القوة ، والضرب عند التأديب والانتقام ، وبها يتعلق الأخذ والعطاء ، والمنع والدفع
، والصد والرد ، وكل صادر عنها بعلاقة ومناسبة غير المشابهة لدى الاستعمال المجازي
، وإنما بالأثر والقوة والقدرة والوطئة ، ولا مشابهة بين هذه الآثار وبين الجارحة
نفسها ماهية وحقيقة.
لهذا فقد كان اختيار علاقة غير المشابهة
للمجاز المرسل ، وعلاقة المشابهة للاستعارة ، اختيار موفقا لدى التفريق بينهما ، فكما
كانت الملابسة بين اليد والنعمة واضحة في غير المشابهة بين الحقيقتين ، فكذلك
ملابسة المشابهة واضحة في الاستعمال الاستعاري بين المشبه والمشبه به