نام کتاب : المناهج التفسيريّة في علوم القرآن نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 97
لانقلاب علمه تعالى
جهلاً.
وثالثاً : انّه تعالى كلّف هؤلاء ـ
الذين أخبر عنهم بأنّهم لا يؤمنون ـ بالإيمان ألبتة ، والإيمان يعتبر فيه تصديق
اللّه تعالى في كلّ ما أخبر عنه ، وممّا أخبر عنه انّهم لا يؤمنون قط ، فقد صاروا
مكلّفين بأن يؤمنوا بأنّهم لا يؤمنون قط ، وهذا تكلّف بالجمع بين النفي والإثبات. [١]
يلاحظ
عليه : أنّ الوجدان السليم والعقل الفطري
يحكم بامتناع تكليف ما لا يطاق ، فلا تنقدح الإرادة في لوح نفس الآمر وضمير روحه
إذا علم انّ المأمور غير قادر على العمل ، ولذلك قلنا في محله إنّ مرجع التكليف
بما لا يطاق إلى كون نفس التكليف محالاً ، ولذلك يقول سبحانه : ( لا
يُكَلّف اللّه نَفساً إِلاّ وُسعَها ).
[٢]
وأمّا الوجوه التي اعتمد عليها الرازي
فموهون جداً ، وذلك انّ علمه الأزلي الذي اعتمد عليه في الوجهين الأوّلين لم
يتعلّق بصدور كلّ فعل عن فاعله على وجه الإطلاق ، بل تعلّق علمه بصدور كل فعل عن
فاعله حسب الخصوصيات الموجودة فيه ، وعلى ضوء ذلك تعلّق علمه الأزلي بصدور الحرارة
من النار على وجه الجبر ، بلا شعور كما تعلّق علمه الأزلي بصدور الرعشة من المرتعش
، عالماً بلا اختيار ، ولكن تعلّق علمه سبحانه بصدور فعل الإنسان الاختياري منه
بقيد الاختيار والحرية ، فتعلّق علمه بوجود الإنسان وكونه فاعلاً مختاراً وصدور
فعله عنه اختياراً ـ فمثل هذا العلم ـ يؤكد الاختيار ويدفع الجبر عن ساحة الإنسان.
وإن شئت قلت : إنّ العلّة إذا كانت
عالمة شاعرة ، ومريدة ومختارة كالإنسان ، فقد تعلّق علمه بصدور أفعالها منها بتلك
الخصوصيات وانصباغ فعلها بصبغة الاختيار والحرية ، فلو صدر فعل الإنسان منه بهذه
الكيفية كان