نام کتاب : المناهج التفسيريّة في علوم القرآن نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 63
التفسير بالرأي ،
فإنّ لتفسير كلّ كلام ـ إلهياً كان أم بشرياً ـ أُصولاً لا يعرف المراد من غيره
إلاّ في ظلها ، وقد عرفت تلك المقدّمات عند البحث في ما يهمّ المفسّر.
وقد أُريد الوجهان من الروايات الناهية
عن التفسير بالرأي ، وقد اختارهما لفيف من المحقّقين ، نذكر ما يلي :
قال أبو عبد اللّه محمد بن أحمد
الأنصاري القرطبي ( المتوفّى ٦٧١ هـ ) قال ـ بعد نقل روايات ناهية عن التفسير
بالرأي ـ :
إنّ النهي يحمل على أحد وجهين
أحدهما
: أن يكون له في الشيء رأي ، وإليه ميل من طبعه وهواه ، فيتأوّل القرآن على وفق
رأيه وهواه ، ليحتج على تصحيح غرضه ، ولو لم يكن له ذلك الرأي والهوى لما يلوح له
من القرآن ذلك المعنى. وهذا النوع يكون تارة مع العلم كالذي يحتج ببعض آيات القرآن
على تصحيح بدعته ، وهو يعلم ان ليس المراد من الآية ذلك ، ولكن مقصوده أن يُلبس
على خصمه ، وتارة يكون مع الجهل وذلك إذا كانت الآية محتملة فيميل فهمه إلى الوجه
الذي يوافق غرضه ، ويرجِّح ذلك الجانب برأيه وهواه ، فيكون قد فسّر برأيه ، أي
رأيه حملَه على ذلك التفسير ، ولولا رأيه لما كان يترجح عنده ذلك الوجه.
الثاني
: أن يتسارع إلى تفسير القرآن بظاهر العربية ، من غير استظهار بالسماع والنقل فيما
يتعلق بغرائب القرآن وما فيه من الألفاظ المبهمة ، وما فيه من الاختصار والحذف
والإضمار والتقديم والتأخير ، فمن لم يُحكِّم ظاهر التفسير وبادر إلى استنباط
المعاني بمجرد فهم العربية كثر غلطه ، ودخل في زمرة من فسر القرآن بالرأي ، والنقل
والسماع لابدّ له منه في ظاهر التفسير ليتقى به مواضع الغلط ، ثمّ بعد ذلك يتسع
الفهم والاستنباط. والغرائب التي لا تفهم إلاّ بالسماع كثيرة ، ولا
نام کتاب : المناهج التفسيريّة في علوم القرآن نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 63