وحكم جهازه السمعي
في معرفة الأصوات وأثر تذبذبها. وأما الدراسات القرآنية ، فقد انطلقت إلى دراسة
الأصوات من خلال الفصول القادمة في الرسالة ضمن موضوعاتها الدقيقة المتخصصة ،
وكانت على نوعين كتب إعجاز القرآن وكتب القراءات. أما كتب إعجاز القرآن ، فقد كان
المجلي فيها بالنسبة للصوت اللغوي علي بن عيسى الرماني ( ت : ٣٨٦ هـ ) فهو أبرز
الدارسين صوتياً ، وأقدمهم سبقاً إلى الموضوع ، وأولهم تمرساً فيه ، إلا أنه
بالضرورة قد مزج بين دراسة الأصوات وعلم المعاني مطبقاً تجاربه في باب التلاؤم
تارة ، ومتخصصاً لدراسة فواصل الآيات بلاغياً كما سيأتي في موضعه.
أما التلاؤم الصوتي عند الرماني فهو
نقيض التنافر ، والتلاؤم تعديل الحروف في التأليف ، لأن تأليف الكلام على ثلاثة
أوجه : متنافر ، ومتلائم في الطبقة الوسطى ، ومتلائم في الطبقة العليا [١].
ويعود الرماني بالتلاؤم إلى تجانس
الأصوات ، ولما كانت أصوات القرآن متجانسة تماماً ، فإن القرآن كله متلائم في
الطبقة العليا ، وذلك بيّن لمن تأمله ، والفرق بين القرآن وبين غيره من الكلام في
تلاؤم الحروف على نحو الفرق بين المتنافر والمتلائم في الطبقة الوسطى ، وبعض الناس
أشد إحساساً بذلك وفطنة له من بعض [٢].
ويبحث الرماني التلاؤم في أصوات القرآن
من وجوه :
١ ـ السبب في التلاؤم ويعود به إلى
تعديل الحروف في التأليف ، فكلما كان أعدل كان أشد تلاؤماً.
٢ ـ والفائدة في التلاؤم ، يعود بها إلى
حسن الكلام في السمع ، وسهولته في اللفظ ، وتقبل المعنى له في النفس لما يرد عليها
من حسن الصورة وطريق الدلالة.
٣ ـ وظاهرة التلاؤم ، ويعود بها إلى
مخارج الحروف في اختلافها ،