فالصوت في المعاني كلها الصوت نفسه ،
والصدى ذات الصدى ، ومن هنا أورد الراغب ( ت : ٥٠٢ هـ ) : أن الرجس يقع على أربعة
أوجه : إما من حيث الطبع ، وأما من جهة العقل ، وإما من جهة الشرع ، وإما من كل
ذلك. والرجس من جهة الشرع الخمر والميسر ، وقيل : إن ذلك رجس من جهة العقل ، وجعل
الله تعالى الكافرين رجساً من حيث أن الشرك بالعقل أقبح الأشياء [١].
٣ ـ وحينما نقف عند الصاد في مثل قوله
تعالا :
(قالت أمرأت
العزيز الآن حصحص الحق )[٢]. فإننا
نستمع إلى الصوت المدوّي ، إذ كانت الصاد واضحة الصدور من المخرج الصوتي. فكانت «
حصحص » واضحة الظهور بانكشاف الأمر فيما يقهره على الأذغان ، وهنا قد يمتلكك العجب
لدى اختيار هذا اللفظ في أزيزه ، ووضوح أمره مع القهر، فلا تردّ دلائله ، ولا تخبو
براهينه.
فإذا شددت الصاد كانت دلالتها الصوتية ،
وإرادتها المعنوية ، أوضح لزوماً ، وأشد استظهاراً ، وأكثر إمعاناً كما في قوله
تعالا : (أفلا يعلم إذا بعثر ما
في القبور * وحصل ما في الصدور )[٣].
فالتحصيل إخراج اللب من القشور ، كإخراج
الذهب من حجر المعدن ، والبر من السنابل ، فهو إضهار لما فيها كإظهار اللب من
القشر ، أو كإظهار الحاصل من الحساب [٤].
والصوت في صيغة الإرعاب ، وفي سياق
الوعيد ، قد تلمس فيه نزع ما في القلوب من أسرار ، واستخراج ما فيها من خفايا ،
دون طواعية من أصحابها؟؟.
وقد يعطي دوي العبارة ، وهيكل البيان ،
صيغة الإنذار ، وأنت تصطدم بالوقوف عند السين من حروف الصفير في قوله تعالى : (فلآ أقسم بالخنس *