جلجلة الصوت ، وشدة
الإيقاع ، كل ذلك مما يوضع مجموعة العلاقات القائمة بين اللفظ ودلالته في مثل هذه
العائلة الصوتية الواحدة ، فإذا أضفنا إلى ذلك معناها المحدد في كتاب الله تعالى ،
وهو يوم القيامة ، خرجنا بحصيلة علمية تنتهي بمصاقبة الشدة الصوتية للشدة الدلالية
بين الصوت والمعنى الحقيقي ، فقوله تعالى : (الحاقة *
ما الحاقة *
ومآ أدراك
ما الحاقة )[١]. إشارة إلى
يوم القيامة ، وعلم عليها فيما أفاد العلماء ، قال الفرّاء ( ت : ٢٠٧ هـ ) : «
الحاقة : القيامة ، سميت بذلك لأن فيها الثواب والجزاء » [٢].
وقال الطبرسي ( ت : ٥٤٨ هـ ) « الحاقة
اسم من أسماء القيامة في قول جميع المفسرين ، وسميت بذلك ، لأنها ذات الحواق من
الأمور ، وهي الصادقة الواجبة الصدق ، لأن جميع أحكام القيامة واجبة الوقوع ،
صادقة الوجود. وقيل سميت القيامة الحاقة لأنها تحق الكفار من قولهم : حاققته
فحققته ، مثل : خاصمته فخصمته » [٣].
وقيل : لأنها تحق كل إنسان بعمله. ويقال
: حقّت القيامة : أحاطت بالخلائق فهي حاقة [٤].
فإذا رصدت الصاخة ، رأيتها القيامة أيضاً ، وبه فسّر أبو عبيدة ( ت : ٢١٠ هـ )
قوله تعالى : (فإذا جآءت
الصآخة )[٥]. فأما أن
تكون الصاخة اسم فاعل من صخ يصخ ، وإما أن تكون مصدراً وقال أبو اسحق الزجاج :
الصاخة هي الصيحة تكون فيها القيامة تصخ الأسماع، أى : تصمها فلا تسمع.
وقال ابن سيده : الصاخة : صيحة تصخ
الأذن أي تطعنها فتصمها لشدتها ، ومنه سميت القيامة.