لقد علم ممّا سبق في غضون الكتاب : أنّ
مجرّد رواية الحديث وثقله لا يكون دليلاً على التزام الناقل والراوي بمضمونه ،
وعلى هذا الأساس لا يمكننا أن ننسب إليهم هذا القول الباطل ...
نعم ، فيهم جماعة التزموا بنقل الصحاح ،
فلم يخرجوا في كتبهم إلاّ ما قطعوا بصدوره من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
وصحابته ، حسب شروطهم التي اشترطوها في الراوي والرواية ، فهم ـ وكل من تبعهم في
الإعتقاد بصحّة جميع أخبار كتبهم ـ ملزمون بظواهر ما أخرجوا فيها من أحاديث
التحريف ، مالم يذكروا لها محملاً وجيهاً أو تأويلاً مقبولاً ...
وممّن التزم بنقل الصحاح من هؤلاء :
١ ـ مالك بن أنس
لقد اشترط مالك في كتابه ( المؤطّأ )
الصحّة ، ولذلك استشكل بعض الأئمة إطلاق أصحيّة كتاب البخاري مع اشترك البخاري ومالك
في اشتراط الصحّة والمبالغة في التحرّي والتثبّت [١].
وقال الشافعي : « ما أعلم في الأرض
كتاباً في العلم أكثر صواباً من كتاب مالك » [٢].