بخلافهم ، فإنّ
الخلاف في ذلك مضاف إلى قوم من أصحاب الحديث ، نقلوا أخباراً ضعيفة ظنّوا بصحّتها
، لا يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحّته » [١].
ولقد عرف واشتهر هذا الرأي عن الشريف
المرتضى حتى ذكر ذلك عنه كبار علماء أهل السنّة ، وأضافوا أنّه كان يكفّر من قال
بتحريف القرآن ، فقد نقل ابن حجر العسقلاني عن ابن حزم قوله فيه : « كان من كبار
المعتزلة الدعاة ، وكان إمامياً ، لكنّه يكفّر من زعم أنّ القرآن بدّل أو زيد فيه
، أو نقص منه ، وكذا كان صاحباه أبو القاسم الرازي أبو يعلى الطوسي » [٢].
* ويقول الشيخ محمد بن الحسن أبو جعفر
الطوسي ، الملقّب بشيخ الطائفة ـ المتوفّى سنة ٤٦٠ ـ في مقدّمة تفسيره : «والمقصود
من هذا الكتاب علم معانيه وفنون أغراضه ، وأمّا الكلام في زيادته ونقصانه فممّا لا
يليق به أيضاً ، لأنّ الزيادة فيه مجمع على بطلانها ، والنقصان منه فالظاهر أيضاً
من مذهب المسلمين خلافه ، وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا ، وهو الذي نصره المرتضى ـ
رحمة الله تعالى ـ وهو الظاهر من الروايات.
غير أنّه رويت روايات كثيرة من جهة
الخاصّة والعامّة بنقصان كثير من آي القرآن ، ونقل شيء منه من موضع إلى موضع ،
طريقها الآحاد التي لا توجب علماً ولا عملاً ، والأولى الإعراض عنها وترك التشاغل
بها لأنّه يمكن تأويلها ، ولو صحّت لما كان ذلك طعناً على ما هو موجود بين
الدفّتين ، فإنّ ذلك معلوم صحّته لا يعترضه أحد من الامّة ولا يدفعه » [٣].
[١] نقل هذا في مجمع
البيان ١ : ١٥ ، عن المسائل الطرابلسيات للسيد المرتضى.
[٢] لسان الميزان ٤
: ٢٢٤ ، ولا يخفى ما فيه الخلط والغلط.