فالآيات تشرح حالهم بإمعان وتخبر بأنّهم "لا يقاتلونكم" معاشر الموَمنين
جميعاً إلاّ في قرى محصنة، أي لا يبرزون لحربكم خوفاً منكم، وإنّما يقاتلونكم
متدرّعين بحصونهم، أو "من وراء جدر"، أي يرمونكم من وراء الجدر بالنبل
والحجر.
(بأسهم بينهم شديد )، والمراد من البأس هو العداء، أي عداوة بعضهم
لبعض شديدة، فليسوا متّفقي القلوب، ولذلك يعقبه بقوله: (وقلوبهم شتى )، ثمّ
يعلل ذلك بقوله: (ذلك بأنّهم لا يعقلون ) .
ثمّ يمثّل لهم مثلاً، فيقول: إنّ مثلهم في اغترارهم بعددهم وعدّتهم
وقوتهم (كمثل الذين من قبلهم )، و المراد مشركو قريش الذين قتلوا ببدر قبل
جلاء بني النضير بستة أشهر، ويحتمل أن يكون المراد قبيلة بني قينقاع حيث
نقضوا العهد فأجلاهم رسول الله بعد رجوعه من بدر.