الحديث كشف علّة الجنون وهو حدوث اختلالات في الاَعصاب الاِدراكية،
فكيف يجمع بين مفاد الآية وما عليه العلم الحديث، وهذا من قبيل تعارض
النقل والعقل؟
وأجاب عنه بعض المفسرين بأنّ هذا التشبيه من قبيل المجاراة مع عامّة
الناس في بعض اعتقاداتهم الفاسدة حيث كان اعتقادهم بتصرف الجن في
المجانين، ولا ضير في ذلك، لاَنّه مجرد تشبيه خال عن الحكم حتى يكون خطأً
غير مطابق للواقع.
فحقيقة معنى الآية هو أنّ هوَلاء الآكلين للربا حالهم حال المجنون الذي
يتخبطه الشيطان من المس، وأمّا كون الجنون مستنداً إلى مس الشيطان فأمر غير
ممكن، لاَنّ الله سبحانه أعدل من أن يسلط الشيطان على عقل عبده، أو على
عبده الموَمن. [1]
وأجاب عنه السيد الطباطبائي بأنّ الله تعالى أجلّ من أن يستند في كلامه
إلى الباطل، و لغو القول بأي نحو كان من الاستناد إلاّ مع بيان بطلانه ورده على
قائله، وقد قال تعالى في وصف كلامه: (وَإِنَّهُ لكِتابٌ عَزِيزٌ * لا يَأْتِيهِ الباطِلُ مِنْ
بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ). [2]