ثبوتها في ماله وضعاً , فما دل على ثبوتها محكم. وهو يقتضي وجوب إيتائها على الولي , كسائر حقوق الناس الثابتة في مال الصبي أو في ذمته.
وأما في الغلات والمواشي فهو المشهور ـ كما عن جماعة ـ بل عن الرياض : أنه خيرة المتأخرين كافة , وجماعة من أعاظم القدماء. لإطلاق نفي الزكاة على مال اليتيم , المقدم على إطلاق كل ما دل على ثبوتها في الغلات وفي المواشي , وإن كان بينهما العموم من وجه.
أولا : من جهة ظهوره ـ بقرينة مناسبة الحكم والموضوع ـ في أن عنوان اليتم من العناوين الاقتضائية للمنع. وثانياً : من جهة أن النسبة المذكورة هي بعينها النسبة بينه وبين ما دل على ثبوتها في النقدين , فيدور الأمر بين تخصيص الجميع به وطرحه , وتخصيص أحدها بعينه دون غيره , والأول هو الذي يقتضيه الجمع العرفي بينها. وبعبارة أخرى : مرجع أدلة وجوب الزكاة في الأنواع الثلاثة إلى دليل واحد فيها , ونسبة دليل نفي الزكاة في مال اليتيم إلى ذلك كنسبة الخاص إلى العام , فكما أنه لو قيل : « تجب الزكاة في النقدين والمواشي والغلات » ثمَّ قيل : « لا تجب الزكاة في مال اليتيم » يجب تقييد الأول بالأخير بحمله على غير اليتيم , كذلك لو كانت الأدلة منفصلة. ومجرد قيام دليل خاص على انتفاء الزكاة عن اليتيم في النقدين لا يوجب انقلاب الجمع العرفي المذكور الى الجمع , بحمله على خصوص النقدين , والعمل بإطلاق دليلي ثبوتها في الغلات والمواشي , فإن ذلك لا يخرج عن كونه تقييداً من غير قرينة عليه , لكونهما معاً نافيين بخلاف الجمع بتقييد الأدلة الثلاثة به والعمل بإطلاقه , كما لا يخفى على المتأمل. مع أنه لو سلم عدم كون الجمع المذكور عرفياً , فلا أقل من التساوي الموجب للتساقط والرجوع إلى أصالة عدم وجوب الزكاة. اللهم إلا أن يكون المرجع عموم مثل قوله تعالى : ( خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً ... )[١].