ذلك بطلان الشروط عامة إلا النادر منها , وهو كما ترى.
ودعوى : أن أغلب المباحات والمستحبات والمكروهات بل جميعها انما دل دليلها على حكمها بالنظر إلى الذات ومن حيث نفسها ومجرداً عن ملاحظة عنوان آخر طارئ عليه , بخلاف أغلب المحرمات والواجبات , فان دليل الحكم بالمنع عن الفعل أو الترك مطلق لا مقيد بحيثية تجرد الموضوع. ممنوعة , لورود أدلة الطرفين على نهج واحد , إما مطلقة من حيث العناوين الثانوية أو مهملة. بل ربما وردت في سياق واحد , مثل قوله تعالى : ( يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ )[١] وقوله تعالى ( وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا )[٢] فالتفكيك بينهما بحمل : ( أَحَلَّ ) على النظر إلى الذات دون العناوين الثانوية , و ( حَرَّمَ ) بالنظر الى العناوين الثانوية , بلا فارق.
وكيف كان فالتحقيق : أن الشرط المخالف للكتاب هو المخالف للحكم الاقتضائي , ومنه الشرط في المقام حسب الارتكاز العرفي , فإن كون الحكم اقتضائياً أو غير اقتضائي لما لم يكن طريق اليه شرعاً تعين الرجوع الى المرتكزات العقلائية , إذ لو لا ذلك كان البيان المذكور خالياً عن الفائدة , إذ لا طريق الى تشخيص الموضوع سواه. وبالجملة : مقتضى الإطلاق المقامي الرجوع الى المرتكزات , كما أن مقتضاه الرجوع إليها في تشخيص مفاهيم موضوعات الأحكام الشرعية. نعم إذا توقف العرف في تشخيص الحكم الاقتضائي واللااقتضائي تعين الرجوع الى الأصل , وهو أصل عدم كون الشرط مخالفاً , بناء على جريان الأصل في العدم الأزلي بنحو مفاد ليس الناقصة , كما هو الظاهر. وتحقيق ذلك في مبحث الشروط