إذا عرفت ذلك فاعلم : أنّ الأرض
المعدودة من الأنفال إمّا أن تكون محياة أو مواتاً ، وعلى التقديرين ، فإما أن
يكون الواضع يده عليها من الشيعة أو لا ، فهذه أربعة أقسام.
وحكمها : أن كلّ ما كان بيد الشيعة من
ذلك ، فهو حلال عليهم ، مع اختصاص كلّ من المحياة والموات بحكمه [١] ، لأن الأئمة عليهمالسلام أحلّوا ذلك لشيعتهم حال الغيبة. وأما
غيرهم فإنما علهيم حرام. وإن كان لا ينتزع منهم في الحال على الظاهر ، حيث إن
المستحق لانتزاعه هو الإمام عليهالسلام
فيتوقف على أمره.
وروى الشيخ عن عمر بن يزيد قال :
رأيت أبا سيّار مسمع بن عبد الملك
بالمدينة ، وقد كان حمل إلى أبي عبدالله ـ عليهالسلام
ما لا في تلك السنة فردّه عليه ، فقلت : لم ردّ عليك أبو عبدالله عليهالسلام المال الذي حملته إليه ؟ فقال : إني
قلت حين حملت إليه المال : إني كنت وليت الغوص ، فأصبت منه أربعمائة ألف درهم ،
وقد جئت بخمسها ثمانين ألف درهم ... إلى أن قال : « يا أبا سيّار قد طيّبناه لك ،
فضم إليك مالك ، وكل ما كان في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيه محلّلون ، محلّل لهم
ذلك إلى أن يقوم قائمنا فيجبيهم طسق ما كان في أيدي سواهم ، فإن كسبهم من الأرض
حرام عليهم حتى يقوم قائمنا فيأخذ الأرض من أيديهم ويخرجهم عنها صغرة » [٢].
[١] عبارة المؤلّف القائلة
باختصاص كلّ من المحياة والموات بحكمه يكتنفها الغموض فقد سبق للكتاب أن أوضح بأنّ
« الأنفال » للإمام وأنّها مباحة لشيعة بحكم أخبار التحليل ، وهذا يعني انعدام
الفارق بين المحياة والموات من الأنفال من حيث التصرّف فيهما. ومن الواضح أن
الفارق لا تظهر ثمرته إلا في اصطناع الفارق بين الأرض المفتوحة عنوة وأرض الأنفال
، لأن الأرض المحياة طبيعياً عائدة إمّا إلى الإمام. أو عائدة إلى المسلمين بناء
على القول بأنها داخلة في عموم « كلّ أرض لا ربّ لها » أو عائدة إلى المسلمين بناء
على القول بدخولها في عموم ملكية الأرض المفتوحة عنوة للمسلمين. بل : حتى موات
المفتوحة عنوة يسمها طابع التردّد المذكور. والمؤلف بصفته قد ردم الفارق بين نمطي
الأرض : حينئذ كان الأجدر أن يوضح حكم كلّ من محياة الأنفال ومواتها.