أروي عن العالم عليه السلام أنه قال : إن
الدنيا قد ترحلت مدبرة ، وإن الآخرة قد ترحلت مقبلة ، ولكل واحدة منهما
فكونوا من أبناء الاخرة ، ولا تكونوا من أبناء الدنيا ، وكونوا من الزاهدين
في الدنيا ، الراغبين في الآخرة ، لأن الزاهدين
اتخذوا الأرض بساطاً ، والتراب فراشاً ، والماء ، طيباً ، وقرضوا الدنيا
تقريضاً.
ألا ، من اشتاق إلى الجنة سلا عن
الشهوات ، ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات ، ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات.
ألا ، إن الله تعالى عباداً ، شرورهم
مأمونة مخزونة ، أنفسهم عفيفة ، وحوائجهم خفيفة ، صبروا أياماً فصارت لهم العقبى راحة طويلة ، [ أمّا ] [١] آناء الليل فصافون على أقدامهم ، وآناء النهار فخلصوا محلصا وهم عابرون يسعون في فكاك رقابهم ، بررة أتقياء ، كأنهم القداح [٢]
، ينظر إليهم الناظر فيقول : مرضى [٣].
وروي عن المسيح عليه السلام ، أنه قال
للحواريين : أكلي ما تنبته الأرض للبهائم ، وشربي ماء الفرات بكفي ، وسراجي القمر ، وفراشي التراب ، ووسادتي المدر
، ولبسي الشعر ، ليس لي ولد يموت ، ولا امرأة تحزن ، ولا بيت يخرب ، ولا مال يتلف ، فأنا أغنى ولد آدم [٤].
وأروي عن العالم عليه السلام ، أنه سئل
عن قول الله تبارك وتعالى : (وَكَانَ