نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 7 صفحه : 204
وبملاحظة هذين الأمرين يعلم أنّه لم يكن
للاِمام بد من الاِبهام في الكلام بشكل تفهم البطانة موقفه من استشهاده ويتحيّر الأجانب
فيه ، وهذا هو السبب لوجود الاِبهام والاِعجام في كلامه.
ففي موقف يبكي على عمّه ويسيل دموعه على
خديه ، وتبكي من كانت وراء الستار من الهاشميات ، يُعرِّف عمّه شهيداً ويعرّف
الشهداء في موكبه كالشهداء الذين أراقوا دماءهم مع رسول اللّه وعلي والحسين عليهمالسلام وربما يزيد على ذلك ويقول : « إنّ
الباكي على زيد معه في الجنّة والشامت له شريك في دمه » إلى غير ذلك من الاِطراء
والثناء على عمّه والذين استشهدوا في طريقه [١].
وفي موقف آخر يتظاهر بالابتعاد عن خروج
زيد واستشهاده ، فكل من يرد عليه من الكوفة يسأله عن عمه ويكرر السوَال ، وكأنّه
لم يكن مطلعاً عما جرى عليه من المصائب ، كل ذلك كان ضرباً من التدبير للاِمام عليهالسلام فأي رضى أولى من دعائه على الحكيم بن
عباس الذي أنشأ شعراً في حقّ زيد ، وقال :
صلبنا لكم زيداً على جذع نخلة
ولم أر مهدياً على الجذع يصلب
فرفع الصادق عليهالسلام يديه إلى السماء وهما ترتعشان ، وقال :
« اللهم إن كان عبدك كاذباً فسلط عليه كلبك » [٢].
إنّ بقاء الاِسلام رهن دعامتين :
الأولى
: التعليم والتربية وتثقيف الأمّة ووعيها وتعليم الكتاب والسنة وغير ذلك مما يرجع
إلى الثقافة الاِسلامية العامة.
الثانية
: إصلاح المجتمع والحفاظ على البيئة وتفويض الأمر إلى صلحاء
[١] أُنظر إلى
الروايات الواردة تحت « عنوان موقف الأئمّة من استشهاده » في هذا الجزء.