نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 2 صفحه : 98
ذهب إليه الأشعري ،
هو أنّ الطائفة الأُولى تجريها على الله سبحانه بحرفيّتها من دون أي تصرف فيها ،
ولكن الأشعري ومن لفّ لفّه يثبتونهاعلى الله بنفس معانيها لكن متقيدة باللاّ كيفية
واللاّ تشبيه ، حتى يخرجوا من التجسيم والتشبيه وينسلكوا في أهل التنزيه. وليس هذا
المعنى مختصاً به ، بل هناك من يوافقه من المتقدمين والمتأخرين ، يطلق عليهم أهل
الإثبات أو المثبتة ، في مقابل المفوِّضة والمؤوِّلة والنفاة بتاتاً ، وإليك نقل
ما أُثر عن غيره في هذا المجال ممّا يوافقه :
قال أبو حنيفة : وما ذكر الله تعالى في
القرآن من ذكر الوجه واليد والنفس ، فهو له صفات بلا كيف ولا يقال انّ يده قدرته
ونعمته ، لأنّ فيه إبطال الصفة ، وهذا قول أهل القدر والاعتزال ، ولكن يده صفته
بلا كيف ، وغضبه ورضاه صفتان من صفاته بلا كيف.
وقال الشافعي : لله أسماء وصفات لا يسع
أحداً ردّها ، ومن خالف بعد ثبوت الحجّة عليه كفر ، وأمّا قبل قيام الحجّة ، فإنّه
يعذر بالجهل ؛ ونثبت هذه الصفات وننفي عنه التشبيه كما نفى عن نفسه ، فقال ب ـ ليس
كمثله شيء.
وقال ابن كثير : وأمّا قوله تعالى : (ثُمَّ
اسْتَوى عَلى العَرْشِ)
فللناس في هذا المقام مقالات كثيرة جداً ، وإنّما نسلك مذهب السلف الصالح : مالك
والأوزاعي والثوري والليث بن سعد والشافعي وأحمد وإسحاق بن راهويه ، وغيرهم من
أئمة المسلمين قديماً وحديثاً ، وهو إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه ولا
تعطيل ، والظاهر المتبادر إلى أذهان المشبّهين منفي عن الله ، فإنّ الله لا يشبهه
شيء من خلقه ، وليس كمثله شيء [١].
إثبات الأشعري بين التشبيه والتعقيد
يجب على كلّ مؤمن الإيمان بما وصف الله
به نفسه ، وليس أحد أعرف به منه ( أَ أَنْتُمْ أَعْلَمُ
أَمِ الله )
كما أنّه ليس لأحد أن يصرف كلامه سبحانه ، عمّا
[١] راجع فيما
نقلناه عن أبي حنيفة والشافعي وابن كثير« علاقة الإثبات والتفويض » : ٤٦ ـ ٤٩.
نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 2 صفحه : 98