إنّ مسلك الأشاعرة هو مسلك الحنابلة ،
لكن بصورة معدّلة نزيهة عمّا لا يقبله العقل السليم. فذهب أبو الحسن الأشعري إلى
كونه من صفات الذات ، لا بالمعنى السخيف الذي تتبنّاه الحنابلة ، بل بمعنى آخر ،
وهو القول بالكلام النفسي القائم بذات المتكلّم.
وهذه النظرية مع اشتهارها من الشيخ أبي
الحسن الأشعري ، لم نجدها في « الإبانة » و« اللمع » وإنّما ركّز فيهما على البحث
عن المسألة الثانية ، وهي أنّ كلامه سبحانه غير مخلوق ، ولم يبحث عن حقيقة كلامه ،
ومع ذلك فقد نقلها عنه الشهرستاني وقال : وصار أبو الحسن الأشعري إلى أنّ الكلام
معنى قائم بالنفس الإنسانية ، وبذات المتكلّم ، وليس بحروف ولا أصوات ، وإنّما هو
القول الذي يجده القائل في نفسه ويجيله في خلده ، وفي تسمية الحروف التي في اللسان
كلاماً حقيقياً تردد ، أهو على سبيل الحقيقة أم على طريق المجاز؟ وان كان على طريق
الحقيقة فإطلا ق اسم الكلام عليه وعلى النطق النفسي بالاشتراك. [١]
وقال الآمدي : ذهب أهل الحقّ من
الإسلاميين إلى كون الباري تعالى متكلّماً بكلام قديم أزلي نفساني ، أحدي الذات ،
ليس بحروف ولا أصوات وهو ـ مع ذلك ـ ينقسم بانقسام المتعلقات ، مغاير للعلم
والإرادة وغير ذلك من الصفات. [٢]
وقال العضدي : ـ بعد نقل نظرية المعتزلة
ـ وهذا لا ننكره ، لكنّا نثبت أمراً وراء ذلك ، وهو المعنى القائم بالنفس ، ونزعم
أنّه غير العبارات ، إذ قد