responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر    جلد : 2  صفحه : 143

كيف ، ورأي المحقّقين من العلماء أنّ الجسم لا يؤثر في الجسم. [١]

هذا هو ما علّق به الشهرستاني على كلام إمام الحرمين وآخذه عليه ، وهو غير صحيح. فإنّ المراد من العلية الطبيعية بين الأجسام والمظاهر المادية ، ليس هو الإيجاد والإحداث من كتم العدل ، بل المراد هو تفاعل الأجسام الطبائع ، بعضها مع بعض بإذنه سبحانه ، كانقلاب الماء إلى البخار ، والمواد الأرضية إلى الأزهار والأشجار ، وغير ذلك ممّا كشف عنه الحس والعلم.

وأمّا الصور الطارئة على الطبائع عند التفاعل والانقلاب كصور الزهر والشجر ، فليست مستندة إلى نفس الطبائع ، بل الطبائع معدّات وممهّدات لنزول هذه الصور من علل عليا ، كشف عنها الذكر الحكيم عندما صرح بأنّ لعالم الكون مدبّرات يدبّرونه بإذنه سبحانه ، قال : (فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً). [٢]

إنّ كون العبد فاعلاً لفعله ، وعالم الطبائع مؤثراً في آثاره فإنّما هو بمعنى كونهما « ما به الوجود » لا « ما منه الوجود » ، وكم من فرق بين التعبيرين. فمن اعترف بالتأثير فقد اعترف بالمعنى الأوّل والسببية الناقصة ، لا بالمعنى الثاني ، أعني : إفاضة الوجود والخلق بالمعنى القائم بالله سبحانه ، فإنّ الخلق فيض يبتدئ منه سبحانه ، ويجري في القوابل والقوالب فيتجلّى في كلّ مورد بصورة وشكل ، والإنسان بما أنّه مجبول على الاختيار ، يصرف باختياره ما أُفيض عليه في مكان دون مكان وفي صورة دون صورة. نعم ليس لغيره من الطبائع إلاّ طريق واحد وتجلّ فارد.

وأظن أنّ الشهرستاني لو وقف على الفرق بين الفاعلين ، لما اعترض على كلام إمام الحرمين ـ بأنّه ليس من مذهب الإسلاميين ـ نعم هو ليس من مذاهب الحنابلة والأشاعرة ، وأمّا العدلية بعامة طوائفها فهم قائلون بذلك ، وقد عرفت قضاء القرآن العقل في ذاك المجال.


[١] المصدر نفسه.

[٢] النازعات : ٥.

نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر    جلد : 2  صفحه : 143
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست