نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 2 صفحه : 141
والمناسبات ، وهي
نفس نظرية الأشعري حيث يرى أنّه لا تأثير للقدرة الحادثة في الأحداث ، وإنّما جرت
سنّة الله بأن يلازم بين الفعل المحدث وبين القدرة المحدثة ( بالكسر ) له إذا أراد
العبد وتجرد له ، ويسمّى هذا الفعل كسباً. فيكون خلقاً من الله ، وكسباً من العبد
، عندما يقع في متناول قدرته واستطاعته ، من غير تعلّقه عليه ». [١]
وقد نقل ذكاء الملك نظرية ذلك الفيلسوف
الفرنسي في موسوعته الفلسفية. وهي تبتني على إنكار قانون العلية والمعلولية بين
الأشياء ، وأنّ كلّ ما يعدّ علّة لشيء فهو من باب المقارنة. فلو رأينا أنّ جسماً
يحرك جسماً آخر ، فذلك إدراك سطحي ، والمحدث هو الله سبحانه ، وتلاقي الجسمين ظرف
لقيامه بالتحريك ، ومثله تحريك النفس عضواً من أعضاء البدن ، فالمحرك هو الله
سبحانه وارادة النفس ظرف ومحلّ لظهور فعله سبحانه. [٢]
ولا نعلّق على هذه النظرية سوى القول
بأنّها مخالفة للبراهين الفلسفية القائمة على وحدة حقيقة الوجود في جميع المراتب ،
واختلافها بالشدة والضعف ، فعندئذ لا معنى لأن يختص التأثير ببعض المراتب دون آخر
مع الوحدة في الحقيقة.
إنّ إنكار التأثير على وجه الإطلاق بين
الظواهر الطبيعية وما فوقها يخالف البرهان العقلي الفلسفي أوّلاً ، وصريح الذكر
الحكيم ثانياً ، والفطرة السليمة الإنسانية ثالثاً ، والتفصيل في الجهات الثلاث
موكول إلى محله.
٨ ـ نظرية إمام الحرمين
« الاعتراف بتأثير قدرة العبد في طول
قدرة الله ».
إنّ الأشاعرة ، وإن أصرّوا على نظريتهم
في أفعال العباد طوال قرون ، ولم يتجاوزوا ما رسمه لهم شيخهم في هذه المسألة إلاّ
شيئاً يسيراً ، كما عرفته عند
[١] القضاء والقدر
للكاتب المصري عبد الكريم الخطيب : ١٨٢.