نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 2 صفحه : 122
والقصد إلى الشيء لا
يكون إلاّ بعد العلم به يستلزم العلم. ثمّ إنّ الفاعل لو كان قاصداً للفعل
بالتفصيل ، يوجده بالعلم التفصيلي ، ولو كان قاصداً بالإجمال يوجده كذلك. فالفاعل
للأكل والتكلّم يقصد أصل الفعل على وجه التفصيل ، فيستلزم علم الفاعل به كذلك ـ وفي
الوقت نفسه ـ لا يقصد مضغ كلّ حبة ، أو التكلّم بكلّ حرف وكلمة إلاّ إجمالاً ،
فيلزمه العلم بهما على وجه الإجمال.
كما أنّ صانع شربة كيمياوية من عدة
عناصر مختلفة ، يقصد إدخال كلّ عنصر فيها على وجه التفصيل ، فيلزمه العلم به
تفصيلاً ، وعلى ذلك يكون أصل العلم وكيفيته من الإجمال والتفصيل ، تابعين لأصل
القصد وكيفيته.
الثاني
: لو كانت قدرة العبد صالحة للإيجاد فلو اختلفت القدرتان في المتعلّق مثل ما إذا
أراد الله تعالى تسكين جسم واراد العبد تحريكه ، فإمّا أن يقع المرادان وهو محال ،
أو لا يقع واحد منهما ، وهو أيضاً محال ، لأنّه يلزم منه ارتفاع النقيضين ، لأنّ
الجسم لا يخلو من الحركة والسكون ، أو يقع أحدهما دون الآخر ، وهو أيضاً محال ،
لأنّ وقوع أحدهما ليس أولى من وقوع أحدهما دون الآخر ، وهو أيضاً محال ، لأنّ وقوع
أحدهما ليس أولى من وقوع الآخر. لأنّ الله تعالى وإن كان قادراً على ما لا نهاية له
، والعبد ليس كذلك ، إلاّ أنّ ذلك لا يوجب التفاوت بين قدرة الله تعالى وقدرة
العبد. [١]
يلاحظ عليه : أنّ هذا الدليل إنّما يجري
فيما إذا كانت القدرتان متساويتين كما في البحث عن الإلهين المفروضين ، فأراد
أحدهما تحريك الجسم والآخر إيقافه وسكونه ، لا في المقام ؛ أعني : إذا كان أحدهما
أقوى والآخر أضعف كما في المقام ، ففي مثله يقع مراد الله لكون قدرته أقوى ، إذ
المفروض استواؤهما في الاستقلال بالتأثير ، وهو لا ينافي التفاوت بالقوة والشدة. [٢]
والأولى أن يقال : إنّ قدرة الله تعالى
في الصورة المفروضة قدرة فعلية تامة في التأثير ، وقدرة العبد قدرة شأنية غير تامة
، وليست صالحة للتأثير ، لأنّ من