نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 2 صفحه : 120
أو « عموم قدرته
لكلّ شيء » وارادوا من « عموم القدرة » [١]
أنّ كلّ موجود ، واقع بقدرته ابتداء ، وإن توقف تأثيره في البعض على شرط ، كتوقف
إيجاده للعرض على إيجاده لمحله ، لامتناع قيامه بنفسه. [٢]
وعلى ذلك فالمراد من عموم قدرته هو
المؤثر بالفعل من القدرة ، لا القدرة الشأنية ، وإن لم يستعملها ؛ فلو قيل : إنّ
قدرته سبحانه عامة ، يراد أنّه هو الفاعل الخالق لكلّ شيء موجود في الخارج بلا
واسطة.
ثانياً : اعتمدوا في إثبات المطلوب على
الإمكان دون الحدوث ، وبين الملاكين فرق واضح لا يخفى على من له أدنى إلمام
بالمسائل الكلامية.
يقول الرازي : إنّ ما لأجله صحّ في
البعض أن يكون مقدوراً لله تعالى هو الإمكان ، لأنّ ما عداه إمّا الوجوب أو
الامتناع ، وهما بخلاف المقدورية ، ولكن الإمكان وصف مشترك بين الممكنات ، فيكون
الكلّ مشتركاً في صحّة مقدوريته لله تعالى ، ولو اختصت قادريته بالبعض دون البعض ،
افتقر إلى المخصص. [٣]
يلاحظ عليه : أنّ ما ذكره صحيح ، ولكنّه
عاجز عن إثبات ما رامه ، إذ لا شكّ أنّ جميع الموجودات الممكنة تنتهي إلى الواجب ،
ولا غنى لأي ممكن في ذاته وفعله عنه سبحانه ، لكن فقر الممكنات وحاجتها إلى الواجب
، لا يستلزم أن يكون الواجب هو السبب المباشر لكلّ ما دقّ وجلّ ، ولكلّ حركة وسكون
يعرضان على المادة. بل يكفي في رفع الحاجة إيجاد العوالم الإمكانية وفق نظام
الأسباب والمسببات ، فكلّ وجود ، مسبب لما فوقه ، وسبب لما دونه. وبذلك يجري الفيض
منه سبحانه على نمط الأسباب العالية إلى الأسباب المتوسطة ، إلى السافلة ، حتى
ينتهي إلى عالم الهيولي والطبيعة ، فلكلّ حادث سبب ، ولسببه سبب حتى ينتهي إلى
الواجب عزّ اسمه ؛ وسببية كلّ سبب وتأثير كلّ علّة
[١] وقد يراد من «
عموم قدرته تعالى » ، قدرته على القبيح خلافاً للنظام حيث قال : بعدم قدرته عليه ،
ولكن المراد منه في المقام هو الأوّل.