نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 2 صفحه : 113
والتجسيم والجهة
عملاً بظاهر قوله تعالى : (الرَّحمن على العَرْشِ
اسْتَوى)[١] ، فهو من
هفوات القلم وزلاّت الفكر ، بل الأخذ بظواهر الكتاب نفس الهداية والإعراض عنه
واللجوء إلى غيره سبب الضلالة.
غير أنّ الذي يجب التركيز عليه هو أنّ
الكبرى الكلية ( لزوم الأخذ بالكتاب والسنّة الصحيحة ) لا نقاش لمسلم فيها ؛ فيجب
على الكلّ اتّباع الذكر الحكيم من دون أي تحوير وتحريف ، ومن دون أي تصرف وتأويل.
إنّما الكلام في الصغرى ـ أي تشخيص
الظاهر عن غيره ، وتعيين مرمى الآية ـ مثلاً : هل اليد في قوله سبحانه : (وَلا
تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ
فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً)[٢]
ظاهرة في الجارحة المخصوصة ، أو كناية عن الجود والبذل ( بسط اليد ) أوالبخل
والتقتير ( غلّ اليد ). وهذا هو الذي يجب بذل الجهد في سبيل معرفته ، بدل السب
والشتم ، أو التفسيق والتكفير.
ولو أنّ قادة الطوائف الإسلامية وأصحاب
الفكر منهم ، نبذوا الآراء المسبقة والأفكار الموروثة وركّزوا البحث على تشخيص
الظاهر عن غيره ، حسب المقاييس الصحيحة ؛ لارتفع جدال الناس ونقاشهم حول الصفات ،
الذي دام طوال مئات السنين.
إنّ رؤساء الطوائف الإسلامية في هذه
الأعصار ، لو ابتعدوا عن العصبية والحزبيةوالآراء التي ورثوها من أناس غيرمعصومين
، وأحسّوا بضرورة توحيد الكلمة ـ إثر كلمة التوحيد ـ ورصّ الصفوف وتكاتف الجهود ،
لارتفع كثير من الخلافات النابعة من تقديم الهوى على الحقّ.
وبما أنّ المعتزلة هم المعنيون بالمؤولة
تارة ، وبالمعطلة أُخرى ، نبحث عن هذا الموضوع ( تعيين ما هو الظاهر المتبادر عند
الذكي والأعرابي الحافي من الصفات الخبرية ، الواردة في الذكر الحكيم ) في الفصل
الذي نخصّصه لبيان