لقد كثرت أقوالهم في هذه المسألة ، واختلفت
آراؤهم اختلافاً عظيماً ، وتضاربت تضارباً شديداً ، ومع كثرة تلك الأقوال لا تجد
فيها قولاً خالياً من الخدش والخلل ، وأهم ما عثرت عليه من أقوالهم في هذه المسألة
ثمانية أقوال ، وإليك بيانها ، وبيان ما فيها :
١ ـ رأي القاضي عياض والحافظ البيهقي :
قال القاضي عياض [٢] : لعل المراد بالاثني عشر في هذه
الأحاديث وما شابهها أنهم يكونون في مدة عزَّة الخلافة وقوة الإسلام واستقامة
أموره ، والاجتماع على مَن يقوم بالخلافة ، وقد وُجد فيمن اجتمع عليه الناس ، إلى
أن اضطرب أمر بني أمية ، ووقعت بينهم الفتنة زمن الوليد بن يزيد ، فاتصلت بينهم
إلى أن قامت الدولة العباسية ، فاستأصلوا أمرهم [٣].
قال ابن حجر العسقلاني : كلام القاضي
عياض أحسن ما قيل في الحديث وأرجحه ، لتأييده بقوله في بعض طرق الحديث الصحيحة : «
كلّهم يجتمع عليه الناس » ، وإيضاح ذلك أن المراد بالاجتماع انقيادهم لبيعته ،
[٢] قال السيوطي في
طبقات الحفاظ ، ص ٤٦٨ : القاضي عياض بن موسى بن عياض بن عمرو بن موسى بن عياض
العلامة عالم المغرب أبو الفضل اليحصبي السبتي الحافظ ، ولد سنة ٤٧٦ هـ ، وأجاز له
أبو علي النسائي ، وتفقه وصنف التصانيف التي سارت بها الركبان كـ ( الشفا ) و (
طبقات المالكية ) و ( شرح مسلم ) ، و( المشارق ) في الغريب ، و ( شرح حديث أم زرع
... وبعد صيته ، وكان إمام أهل الحديث في وقته ، وأعلم الناس بعلومه ، وبالنحو
واللغة وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم. ولي القضاء سبتة ثم غرناطة ، ومات ليلة الجمعة
سنة ٥٤٤ هـ بمراكش.