فكان من إتمام الله تعالى الحجّة عليهم
أن أجراها على ألسنة أقلامهم ؛ لئلّا يقولوا يوم القيامة : ( إِنَّا
كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ )[١].
ولا يضرّها الطعن بالسند ؛ لصحّة الكثير
منها عندهم ، واستفاضة أكثرها ـ مع ما بيّنّاه في المقدّمة [٢] ـ.
كما لا يضرّها توهين الدلالة ، فإنّ
الكثير منها صريح الدلالة ، وما آفتها إلّا عناد المخاصمين ، كما عرفته في جملة
ممّا سبق ، وتعرفه في حديث المنزلة والثقلين ونحوهما.
ولو نقلوا أحاديث فضائل أمير المؤمنين عليهالسلام على وجهها ، لظهر لك كيف دلالتها على
إمامته! حتّى إنّهم لم ينقلوا من نصّ الغدير إلّا اليسير ، وأخفوا أكثر ما فيه
الصراحة الذي يقطع كلّ غافل بوجوده ؛ إذ لا يمكن أن يجمع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم نحو مئة ألف من المسلمين ويقوم فيهم
بحرّ الحجاز وقت الظهيرة على منبر يقام له من الأحداج [٣] ، ويخطبهم لداعي حضور أجله وهو لا يقول
إلّا : « من كنت
مولاه فعليّ مولاه » [٤]، أو بزيادة قليلة عليه ، ومع ذلك لا
يريد إلّا بيان أنّ عليّا ناصر لمن كنت ناصره أو نحوه ، ما أظنّ أنّ عاقلا يرتضيه!!