فإنّ من يشفق أن يتصدّق بالقليل في
الفائدة الكثيرة ، لحريّ أن لا يبذل المال الكثير.
وكذا يظهر أنّ عثمان لم يبذل ما بذل في
جيش العسرة ـ كما زعموه ـ إلّا للسمعة التي لم يكن يحسب أنّها تحصل في صدقة
النجوى.
هذا
، وقد ذكر الرازي هنا ما يفيد العجب! قال :
« أقول : على تقدير أنّ أفاضل الصحابة
وجدوا الوقت وما فعلوا ذلك ، فهذا لم يجرّ إليهم طعنا ؛ لأنّ ذلك الإقدام على هذا
العمل ممّا يضيق قلب الفقير ، فإنّه لا يقدر على فعله [١] [ فيضيق قلبه ] ، ويوحش قلب الغنيّ ،
فإنّه لمّا لم يفعل الغنيّ ذلك وفعله غيره ، صار [ ذلك الفعل ] سببا للطعن في من
لم يفعل ، فهذا الفعل لمّا كان سببا لحزن الفقراء ووحشة الأغنياء لم يكن في تركه
كبير [٢] مضرّة ؛
لأنّ الذي يكون سببا للألفة أولى ممّا يكون سببا للوحشة » [٣].
وفيه :
أوّلا
: إنّ هذا يستلزم تخطئة الله سبحانه في الإيجاب أو الندب ، وهو كفر.
ـ أحمد ٢ / ٢٥٣ ،
مسند الحميدي ١ / ١٢١ ح ٢٥٠ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٧ / ٤٧١ ح ٥ ، مسند أبي يعلى ٧ /
٣٩١ ـ ٣٩٢ ح ٤٤١٨ وج ٨ / ٣٠٨ ح ٤٩٠٥ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ٩ / ٤ ح
٦٨١٩.